قصيدة «أعظمهم محمد» للشاعر عبدالله الشوربجي، المشاركة في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم في نسختها الثانية لعام 2017، عن فئة الشعر الفصيح.

القصيدة:

“ريمٌ على القاع”, ما للريم ينتظرُ ؟

“أمِنْ تذكِّر ِجيران”, وقد هجروا ؟!

“بانتْ سعادُ”, وعادتْ, لنْ أقولَ لها

“إنَّ العيونَ التي في طرفِها حّوّرُ”

شغلتُ نفسي عن الدنيا بسيِّدِها

بآيةِ الحُبِّ, إلا أنه بشرُ

أنا الذي لم يكنْ يختارُ خطوتَهُ

أمشي لأمشي , ولا خوفٌ , و لا حذرُ

في أجمل ِالوردِ شوكٌ ليسَ يجرحُهُ

وأطهرُ الدمع ِما جادتْ بهِ العِبَرُ

حقائبُ الذنبِ لما أرهقتْ كتِفِي

بكيتُ خمسًا , لعلَّ الذنبَ يُغتفرُ

بعضُ الدموع ِصلاة ٌ, بعضُها سِوَرٌ

وكلُّها عن خطايا العمر ِتعتذرُ

تعَلَّقَ الليلُ تلو الليل ِفي قدمي

ونصفُ دربي جفاءٌ , نصفهُ كَدَرُ

حتى مررتُ على قلبٍ يرتِّلُها

“ما ضلَّ صاحبُكمْ”, و الدمعُ ينهمرُ

محمدٌ.. وحدُها تكفي لتحمِلَني

على الصراطِ , فأمضي حيثما عَبَروا

أمانة ُالنورِ حَطَّتْ منذ آدمها

في حِجْر ِآمنةٍ , فاستُكْمِلَ القمرُ

يكفي اليتيمَ رغيفٌ من حليمتِهِ

ومثلها لحليبِ الحبِّ يُدَّخَرُ

يا ربُّ .. ناقة ُعبداللهِ ما رجعتْ

والآنَ آمنة .. قلْ هكذا القدَرُ

أن يصبحَ اليتمُ مشهورا بأحمدِهِ

فخرٌ لكلِّ يتيم ٍحين يَفتخِرُ

مَنْ عَلَّمَ البيدَ أن تحنو على غنم ٍ ؟

صبرُ الصبيِّ نباتٌ, صبرُها مَطرُ

قلبُ الغمامةِ موصولٌ بخطوتِهِ

يدقُّ ظِلا, وقلبُ الشمس يستعِرُ

تدري خديجة ُأنَّ الحبَّ مبتدأ ٌ

وأنَّ قلبًا يضمُّ المصطفي خبَرُ

عمائمُ القوم لمْ تتركْ جهالتَها

حتى رأوْا في يديهِ سَبَّحَ الحَجَرُ

يا عاشقَ الغار قلبُ الغار آمنة ٌ

كأنه غاية , أو أنه الوَطَرُ

اقرأ.. فأمُّ القرى ليست بقارئةٍ

اقرأ “ألم يأتكم مني هدىً” سِوَرُ

ترى الحمامة ُعندَ الغار قبلتَها

صلتْ عليهِ, وأهلُ الجهل ِلو نظروا

مهاجرٌ بالهدى يبني مدينتَهُ

وعائدٌ بالهدى والدهرُ ينتظرُ

وفاتحٌ بالهدى دنيا بأكملِها

وخاتمٌ بالهدى والنورُ ينتشرُ

يا آية َاللهِ في خَلْقٍ, وفي خُلُق ٍ

محمدٌ فكرة تسمو بها الفِكَرُ

سلامُ روحي صلاة ٌ فيكَ أختمُها

إذا ظفرتُ بها, هذا هو الظفرُ

محمدٌ نعمة ٌعظمى, وليسَ لها

حَدٌّ. وليسَ لها عَدٌّ , فينحَصِرُ

يهدي إلى الرشدِ قلبٌ في بساطتهِ

يُفنى الظلامَ, ولا يَبقى له أثرُ

يحبه اللهُ, والإسراء ُموعدهُ

في سدرةِ المنتهى وانزاحتِ السُّتُرُ

يحبهُ الروحُ والرُّسْلُ الكرامُ إذنْ

يحبه الناسُ, حتى مَن بهِ كفروا

والجنُّ والطيرُ حتى الوحشُ تألفُهُ

والصخرُ والرملُ والأعشابُ والشجرُ

والحَرْفُ والظرْفُ والأفعالُ تنصفهُ

والشِّعرُ والنثرُ والإلهامُ والصِّوَرُ

والبيضُ والسُّودُ والهندوسُ تعرفهُ

والعُرْبُ والفرْسُ والرومانُ والتَّتَرُ

حتى انحنتْ هامَة ُالتاريخ ِحينَ رأى

محمدا, خير مَن في قلبهِ سُطِروا

وحدَّقتْ أعينُ الأيام ِهائمَة ً

نحو النبيِّ, وعادتْ مابها عَوَرُ

حتى الذين رأوا الأقدارَ نائمة ً

واستهزؤا مَرَّة ً , أو مَرَّة ًسَخِروا

الآن قد أدركوا أنَّ الهدى رجُلٌ

يُنازل العِلمِ أُمِّيا, و ينتصرُ

عقلُ ابن آدمَ صخرٌ في تشددهِ

“لو كنتَ فظا غليظ القلب” ما انتظروا

أنتَ الحياة, وأنتَ الروحُ , ماعرفوا

يوما حياة ًبلا طهَ, و لا ذكَروا