تَعَلَّمْ كيف تَفقَهُ ما يقولُ
أتدري لا أبا لك ما الرسولُ؟
مضى ما في صباك وعيتَ نسْياً
و انت بجُل ما يُروى جهولُ
و فكرك في الذي يفنى سيبلى
و صبرك عن تبصرِه يطولُ
فلستَ مُحدثا بلسانِ ثَبْتٍ

و لا يُرضيكَ ما يَرضَى الكسولُ
فصرتَ، و أنت تطمحُ للمعالي،
مُذبذبةً، تَميدُ بك السبيلُ

ألا يا من به تُدعى لحشرٍ
و زحزحةٍ، أتدري ما الرسولُ..؟
ألم تكُ في الغياهب في ضلالٍ
تكاد إلى الجحيم غداً تؤولُ..
و تُفتنُ من زبانية شدادٍ=
ففزتَ به، و أنقذك الجليلُ
و بشِّرتَ النعيمَ على نبيٍّ=
“عَسى” من ربّه وعدٌ كفيلُ

تَنبَّه إن خطبتَ لدى جليسٍ
و قلتَ مُحدِّثا: “قال الرسولُ..”
كذلك كلما سمّاه حبرٌ
برشح الكرب جبهته تسيلُ
و أكبِرْ شخصَهُ كرَماً و حسناً
كما اكبرْنَ يوسفَ -لا تميلُ-
الا يكفيك يوم أتى ثقيفاً
بلاءً ليسَ تحملهُ الفحولُ
اتى ملَكُ الجبال يريد ثأراً
فأَنظَرَ، حبّذا الصبرُ الجميلُ!
لِتَخرُجَ من ظُهورِهِمُ سَليلاً
تُوَحّدُ مَن بساحتِهِ المُثولُ

.. و كَرَّتَهُ لدى اُحُدٍ ينادي
الا يا مُسلِمون أنا القتيلُ!
غداةَ يَفُضُّ جَمعَهمُ كَذوبٌ
يُناديهم: “نبيكمُ قتيلُ..!”
فهَمَّ بِهِ أُبَيُّ الشّرّ يَعدو

و يدعو بالثبور فلا يُطيلُ..!
و بادرَهُ العِدا ليُمَزّقوهُ
فأمسى جمعُهم و هم الأُفولُ

بنفسي راحةٌ مسحَت دماءً
تخَضَّبَ تحتها الخَدُّ النبيلُ
كأنَّ بَوارِقَ الحلَقاتِ تبكي
بدمعِ دمائه – و لها فُلولُ-
على ما حُمِّلَت كَرهاً أذاهُ
فلَيْتَ ثَنِيَّتي -هَتَماً- تَزولُ..!

و يومَ حُنينَ أبلَجَ في ظَلامٍ
يُنادي في العدوّ : أنا الرسولُُ!
يُعَرّضُ شَخصَهُ للموت حِرصاً
على إحياءِ قلبِكَ – يا غَفولُ -..!

بلى، يكفيك من أدبٍ و حُسنٍ
روايةُ عائشٍ فيهِ تقولُ:
شمائلُهُ كتابُ الله ، يمشي
على مَدَرٍ، و ليس له مثيلُ!
كحَبّاتِ الجُمانِ يَفيضُ رَشحاً
من الرُّحَضا إذا بدأ النزولُ
فعُدَّ الوحيَ آياتٍ و ذِكراً
بها كم غَطَّهُ القولُ الثَّقيلُ..!

إذا بالوحي حدّثَ بانَ نورٌ
بِفيهِ كأنه الورِقُ الصقيلُ
و تَنعَتُه الرُّبَيِّعُ مثلَ شمسٍ
إذا طلعَت، كذا يبدو الرسولُ..!
و عن أنسٍ: أغاظَ المسكَ رَيَّا
و لينُ الخَزِّ من يدهِ يَكيلُ
عليهِ أودَعَ الرحمنُ خَتْماً
يَلوحُ: على رسالتِهِ دليلُ
كأهل الخُلدِ سيماءً و رَشحاً
و كانَ لِرَبِّهِ نِعمَ الخَليلُ..!