قصيدة «الفيض المحمدي» للشاعر سيدي محمد، المشاركة في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم في نسختها الثانية لعام 2017، عن فئة الشعر الفصيح.

 

القصيدة:

خلفيِ فهذا الوجدُ مَكتَمِلًا

يُفْنِي مَدايَ فعنِّي سوف أفْتَرِقُ

أَمْضِي إلى اللّحظةِ الأُولَى أُراوِدُني

اثْنانِ نحنُ فلا أدْري بِمَنْ أَثِقُ

لَعلَّنِي في انبلاجِ الصبح خيطَ رُؤًى

اجْتازُنِي لغةً تجتازُ منْ سبَقُوا

يا عاشقينَ ولونُ الكَوْنِ مفترِشٌ

نورَ المدارِ الذي في حضنه احترقُوا

لِلْمُصْطفَى هَاهُنا يدٌ ستلمَسُني

ودمعةٌ في مفازِ الرُّوحِ تَخْترقُ

وضوءُ نفسٍ بَدَا خلفِ الظَّلامِ لهُ

في كلِّ زاويَّةٍ لَمْعٌ ومُنْبثَقُ

أيا الْبَشَاراتُ في الأصْلابِ تَرْقُبُهَا

عَيْنُ الإلهِ التِّي مِنْ لُطْفِهَا خُلِقُوا

بنظرةٍ منْ جلالِ اللهِ فَانْفَطرتْ

عنكَ السماواتُ والأرضونَ والعلقُ

حتى حللْتَ بعبدِاللهِ مُمتطيا

نورَ النُّبوةِ ما أزْرَى بها شبقُ

تسّاءلَ الطّينُ عن سرٍّ تُوَّزعُهُ

هذي البيوتُ وعنْ أنَّاتِها الطُّرقُ

وَاحْدَوْدَبَتْ في أقاصي الأرضِ زوْبعةٌ

أصْغَى لها أُذُناً مِنْ مكَّةَ الأُفُقُ

لمَّا وُلِدْتَ أَدَرْتَ الكونَ مِسْبَحةً

سجدتَ للهِ شكراَ وارتمىَ الغسقُ

طوفانُ نوحٍ وألواحٌ وذُودُسرٍ

 يبقى احْتِمَالُكَ, إن ظلوا وإن غرقُوا

يبقى احتمالك آتٍ, في وضاءته

بشرى لآدم ,منجاة لمن لَحقُوا

محمدٌ يامْتِدادَ الظِّل بوصلةً

لِوجْهةِ اللهِ ياقلباً لمنْ عَشقُوا

يانقطةَ البدْءِ في أوصالِ مُنْتَشِيٍّ

ومُنتهَى السُّكْر في وُجْدانِ منْ طفقُوا

ياحاملَ الحجرِ الكريمِ في يدِه

أنت الأمينُ عليهِ الكلُّ يتَّفقُ

يا أيها الأميُّ السَّاقي الذي نزلتْ

اقرأ عليهِ ولا لوحٌ ولا ورَقُ

اقرأ فهذا زمانُ الوصْلِ سبعُ سمىً

وسبعُ أرضِينَ بعدَ الفتْقِ مارُتِقُوا

رضاضُ ألواحِ مُوسىَ كان خَبَّأهُ

لكَ الإله وذي الألواحُ تصْطفِقُ

في الغارِ هلْ كنتَ إلاّ كُنهَ أسْئِلةٍ

جوابُهَا أنتَ والرُّؤْيا كما الفَلَقُ

حتى أتاكَ يقينُ الله ساعتها

أتاكَ يا أيها المزِّملُ القِلقُ

الجِنُّ للْملإِ الأعْلىَ كمِ أطَّلعتْ

 سِرًّا وكمْ قَعدتْ للسَّمْعِ تَسْتَرِقُ

وآن للأرضِ أن تغْفُوا مُهَدْهَدَةً

لمّا بُعِثْتَ ويسْقي جدْبهَا الوَدَقُ

يامركزَ النُّورِ والأطرافُ مُثقَلةٌ

وابنَ الذّبيحيْنِ قُرْباناً لمنْ صدَقُوا

مِنْ أجْلِكَ اللهُ رَصَّ الأنبياءَ كَمَا

رُصَّتْ نجومٌ بِنُوِر البدرِ تَتَّسِقُ

بِسُرْعَةِ البرقِ جزْتَ المُنْتَهَى قربا

وَفِي سَمَادِيرَ لايبْدُو لَهَا نَسَقُ

جبريلُ قالَ: مَقاِمي هاهُنَا ؛ وبقي

وَغبْتَ في سرْمدٍ يَجْلُو وَيَنْطَبِقُ

تَوَقَّفَ الزَّمنُ المشْدُوهُ لحْظَتَهَا

حتَّى تعُودَ فلاسمعٌ ولانُطقُ

وَعُدْتَ تحْمِلُ مشكاةً وخمسَ مَصَـا

بيحَ الْتُنِيُر إِذَا ما أدْلجَ النَّفقُ

ياساريَّ الليلِ هذا الليلُ مُنْسَحِبٌ

فتيانُ مكة نيَّامٌ ولمْ يفِقُوا

كانت مراياك تمشي  وهي حافية

وكلما انعكست بالنور تنبثق

أَأُمً معبدَ ماخانتْكِ شاردةٌ

في وصف أفضل مَنْ في بيتكِ أغْتبقُوا

ياحادِيَّ الغيمِ خلْفَ اثنينِ ثالثُهمْ

اللهُ ؛ اقْصِر…ْ فهذا الدَّرْبُ مُفْتَرَقُ

في حضنِ يثربَ حطَّ الرحلُ واتَّضَحتْ

مَعالمُ الأرضِ ؛ حلً الطهرُ والعبقُ

لم يبْقَ في الأرضِ لا جذعٌ ولاشجرٌ

إلَّا سراعاً إلى التّحْنَانِ تسْتبِقُ

وتبدأُ القصةُ الأولى بأنَّ لَنا

ربًّاوديناً وفرقاناً بنا سمقُوا

لم يخلفِ الوعدَ بل هذي سواعدُه

تبْنِي بطيبةَ محراباً ليَأْتَلِقُوا

والسّيْفُ أصدقُ إنباءً اذاعجزتْ

حكايةُ العيرِ عنْ إقناعِ منْ أَبَقُوا

كانتْ وصاياكَ نبرَاساً فما قتلوا

شيخًا؛ ولاقطَعُوا حرْثاً؛ وذالخلقُ

يارحمة الله  والدنيا على جرف

هارٍ تكادُ بِهَا الأوْثانُ تَنْزَلِقُ

بفتح مكة كان العفو أكبر من

تلكَ القلوبِ الِّتي بالشِّركِ تَخْتنِقُ

ما ذا تظنُّونَ أنِّي فاعلٌ بِكُمُ

هُنِيهةً؛ قال: لاتثريبَ فانْطلقُوا

ما إنْ مَددْتَ عصاكَ اسَّاقطتْ هبلٌ

واللَّاتُ واسَّاقطتْ أوهام ما اعْتَنقُوا

فأنتَ مفتاحُ هذا البيتِ  قِبْلتُهُ

للسَّالكينَ درُوبا لَيْسَ تنْغَلِقُ ً

يكفيكَ أشهدُ أنَّ اللهَ منْفرِدٌ

وأنَّ ذِكْرَكَ باِسْمِ الله مُلْتَصِق

“اليومَ أكْملْتُ” كان النَّعْيُ تهْيِئَةً

من بارِئِ الخلقِ لولا نعْيُهُ صُعقُوا

رهنتَ دِرْعَكَ وارْتحلْتَ مُبْتسِماً

لا خُبْزَ في بيتِكَ المعْمُورِ لَا مَرَقُ

بِسَاطُكَ الأُفْقُ لَا الدُّنْيَا وزِينَتُها،

كعَابرٍ تَسْتَظِلُّ، ثمَّ تَمْتَشِقُ

صادٍ إلَى الحوضِ علِّلْنِي علَى مهلٍ

منْ راحَتَيْكَ إذا ما ألْجَم العرَقُ

وكُنْ شفيعي إذا ما جئت مُغْتَرِباً

يوما إليك وضاعت في المدى الحدق

هذي صلاتي عليْكَ مُنتهَى لُغَتي

خذني اليك فدربي وجهك اليقق

صلَّى الإلهُ وصلَّتْ كلُّ قافلةٍ

منَ الملائِكِ غطَّى إثْرَها الشَّفَقُ

علَّمْتَنَا أنَّ هذا الموتَ راحتُنَا

وأنَّنَا بعدَ هذا الموتِ نَنْعَتِقُ