وصلت قصيدة “المشكاة” للشاعر أحمد بخيت للمرحلة النهائية في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم في نسختها الأولى لعام 2016.

 

أحمد بخيت شاعر مصري، ولد في 26 من فبراير 1966 بمحافظة أسيوط، وقد تخرج في كلية دار العلوم عام 1989، ثم عمل بقسم النقد والبلاغة بكلية الدراسات العربية والإسلامية، إلى أن ترك العمل الأكاديمي منذ سنوات ليتفرغ للكاتبة.

صدر لبخيت، الأعمال الشعرية، وهي عشرة دواوين في مجلدين، كما صدر له دواوين (القاهرة، والحافية، ولارا، ولو كان أبيض)، وللأطفال صدر له (صغير كبير، وعيون العالم)، وقد ترجمت قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والألمانية.

حصل بخيت على العديد من الجوائز، أهمها، جائزة المنتدى العربي الإفريقي بالمغرب، وجائزة الدولة التشجيعية في الشعر من مصر، كما حصل على جائزة (المبدعون) من الإمارات، وجائزة (البابطين للإبداع الشعري) من الكويت، وجائزة الشارقة في أدب الأطفال، وجائزة (البردة) من أبو ظبي. وحصل على لقب (شاعر مكة)، والمركز الثالث في (أمير الشعراء) من أبو ظبي.

 

القصيدة:

الزَّيْتُ والمِصْبَاحُ، والمِشْكَاةُ    نورٌ، على نورٍ، ولا ظُلُماتُ

مِيقاتُ حُجَّاجِ الحقيقةِ واحدٌ      ومُحمَّدٌ هو وحدَهُ  المِيقَاتُ

إنْ قالَ قلبي: يا حبيبُ، تسابقتْ      بفَمِ الخلائقِ كلِّها الياءاتُ

يا سَيدَ الساداتِ لا مُستثنيًا     أحدًا، ويشهدُ قَبْلي الساداتُ

لكَ أوَّلُ الكلماتِ في فمِ آدمٍ      أبغيرِ أحمدَ تَبدأُ الكلِماتُ؟

لكَ لا شبيهَ لكي يُقالَ كأنَّهُ      فأمامَ أحمدَ تسقطُ الكافاتُ

ولكَ الوسيلةُ والفضيلةُ والعُلا     والحوضُ، الفردوسُ، والدرجاتُ

قلبي حَمامُ حِمًى، يَطُوفُ مُرنِّمًا      في حجرِ مكةَ، والأنامُ سباتُ

أشرقتَ فالأوثانُ كلُّ رؤوسِها،      نُكِسَتْ وإبليسٌ لهً رَناتُ

والكونُ أخشعُ ما يكونُ، كأنَّما      تُتلى عليه «الفتحُ» و«الصافاتُ»

وحَفيفُ أجنحةِ الملائكِ وارفٌ     والأرضُ تهليلٌ وتكبيراتُ

وُلِدَ الشهيدُ على البريةِ، والذي     تمشي وراءَ لوائِهِ الراياتُ

العاقِبُ المُدَّثرُ المزَّمِلُ الـ     ماحي  لليلِ الشركِ. لا رَيباتُ

المنذرُ، الهادي، البشيرُ الصـادقُ الـ     وعدِ، الأمينُ، الرحمةُ المهداةُ

والهاشميُّ، الخاتَمُ، الأميُّ مَنْ      سبقت إليه شفاهَنا الصلواتُ

طهَ الذي ابْتدأتْ بهِ تَمَّتْ بهِ      كلماتُ رحمةِ ربِّهِ التامَّاتُ

طوباكَ، كلُّ الكائناتِ غَدَتْ فَمًا     ومُحمَّدٌ فوقَ الشفاهِ صلاةُ

ما المعجزاتُ وأنتَ معجزةُ الهُدى     كلُّ الفضائلِ فيكَ مكتملاتُ؟

ومكارمُ الأخلاقِ فيكَ مَعاجزٌ      كبرى، لمَن أغْوَتْهُ إغواءَاتُ

هيهاتَ مَنْ قُرآنُهُ أخلاقُهُ      ترقى إلى كَعْبَيْهِ مُفْتَرياتُ

شوقًا لِوجْهِكَ أنْ تُظِلَّكَ غيمةٌ     وبنورِ وجْهِكَ تُستقَى الغيماتُ

لا يَخفضُ الأيتامُ بَعْدَكَ جبهةً     فخرا بِيُتْمِكَ كَمْ عَلَتْ جَبَهاتُ

والناسُ تَسْتَهدِي بضوءِ نجومِها     ليلًا، وتَستهدي بك النَّجْمَاتُ

مَن ذلك الماشي ونَفْحُ نسيمِهِ   مِسْكُ ونقلةُ خطوِهِ طاقاتُ؟

الأبلجُ الأقنَى، الأزَجُّ، الأكحَلُ الـ    مربوعُ غُصنٌ ليس فِيْهِ هَنَاتُ

إنْ كانَ بينَ القومِ أشرقَ، زاهرًا     وكــــأنَّ مجلسَهُ هو الروضـــاتُ

وإذا تكـــــلَّمَ فالجميــعُ مســامــعٌ     وإذا تلفَّتَ كلُّهُـــم حَـــدَقـــــاتُ

هذا الأمينُ أعزُّ مَنْ وطِيء الحصى     وأظـــــلَّـتِ الأفلــــاكُ والدَّاراتُ

خمسٌ وعشرونَ البشاشةُ والهدى   ودلائلُ البركاتِ مَرمـــوقــــاتُ

و«خديجةٌ» في ليلِها فـي صُبْحِها       فـي قلبِها الأشواقُ والخفقاتُ

ودَّتْ وكـانَ لها الذي في وجْهِهِ      نــــورٌ وللأســــرارِ إرهاصاتُ

مَن يحمل الحجرَ الكريمَ لموضعِ الـ      حجرِ الكريمِ وكلُّهم قاماتُ؟

هم حكَّموهُ فكانَ أحْكَمَ مَن قضى     من يومِ أنْ عرفَ القضاءَ قضاةُ

أغفى الظلامُ الجاهلي وما غفا      الشوقُ النبيُّ وحُمَّتِ الحاجاتُ

وحراء يصعد كي يليق بصاعدٍ     للنـــورِ والأحجـــــــــارُ لأْلآتُ

ترقَى وجبريلُ الأمــــينُ تَشوُّقٌ      لكَ والمثاني السبعُ مُشتاقاتُ

يا مَنْ له فُصْحى اللسانِ،   ومنتهى قوسِ البيانِ، وصمتُه إخباتُ

كم تحملُ المعنى المسيحَ جوامعُ الـ   كَلِمِ الفصيحِ وهنَّ عذراواتُ

شرفُ القصيدةِ أنْ تقولَ ليَ: اتئدْ   إنَّ الفصاحةَ هاهُنا الإنصاتُ

قبسٌ  مِن الذِّكر الحكيمِ وفطرةٌ      بيضاءُ والخلُقُ العظيمُ صفاتُ

عَرضتْ  قريشٌ عَرضَها: لو طامعٌ      في المُلْكِ هاكَ الملكُ والسُّلطاتُ

لو كنتَ تبغي المالَ ذلك مالُنا     خُذْ قدْرَ ما ترضى ونحنُ  كُفاةُ

«والله يا عماه..» تِلكُمْ كِلْمَةٌ       تُحنى أمامَ يقينِها الهاماتُ

كَمْ مِنْ بطولاتٍ تَلوحُ لجاهلٍ      وكأنَّها ضعفٌ وإحباطاتُ

في «الطائفِ» انتصرَ النبيُّ مُبَلِّغًا      صوتَ السماءِ ولمْ تعقْهُ أذاةُ

لا حزنَ بَعْدُ فكلُّ حزنٍ عابرٌ      وهباتُ ربِّ العَرْشِ مَذخوراتُ

سبحانَ مَن أسْرى وبوركَ مَن رأى     ما لمْ تُحطْ بجلالِه الخَطَراتُ

يُدنيك ربُّكَ حيثُ لا أحدٌ دَنا      ترقى وليسَ لغيرِكَ المرقاةُ

مِنْ «قابَ قوسين»: السكينةِ والهُدى   تتابــــــــعُ المِنَــــــنُ الإلهيـــاتُ

أمُّ القرى البيتُ الحرامُ وزمزمٌ     وحــــراءُ والبسماتُ والدمعـــاتُ

وحنانُ آمنةٍ وحِضنُ خديجةٍ      وطفولةُ الزهراءِ كيف تفاتُ؟

لمَّا التفتَ لها تودعها بكتْ   وبكيتَها كم توجعُ اللفَتاتُ

ببطولةٍ عُظمى خرجتَ مهاجرًا   في الله  طِبتَ فداؤك المهجاتُ

أنتَ السلامُ محاربًا ومسالمًا      والحسنيانِ: كرامـــــةٌ  وحيـــــاةُ

تمشي إلى الأهوالِ طَلْقًا بَاسمًا    وكأنَّمــا الأهــــوالُ حســــناواتُ

إنْ قُلتَ «حَيْ على الشهادةِ» حَمْحَمَتْ     خيلُ السماءِ وكبَّرتْ صهواتُ

هذا نبيُّ اللهِ أعظمُ مَن هَدى      وبهِ اقتدى في المكرماتِ هُداةُ

المؤثرونَ على الخصاصةِ غيرَهم      والقائمونَ فليـــلُهم ركعــــاتُ

رحماءُ بينهمُ أشدَّاءٌ على الـ     ـكُفَّـــارِ لا بَطَــــرٌ ولا نَعَـــراتُ

ياربِّ صَلِّ على النبي وآلِهِ     ما ســـبّحَ الموجـــودَ موجوداتُ