وصلت قصيدة “ذَوَبانٌ قَبْلَ الْأَوَان” للشاعر محمود شهيد، للمرحلة النهائية في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم في نسختها الأولى لعام 2016.

 

الشاعر محمود شهيد، من مواليد يناير 1993 بمدينة آسا جنوب المغرب. حفظ القرآن الكريم كاملاً مع المتون العلمية المسماة بالمفاتيح، كالآجرومية والمجرادية والزواوي ولامية الأفعال وابن عاشر وغيرها، ثم شد الرحال إلى موريتانيا 2011، فنهل فيها ما شاء الله أن ينهل من العلوم اللغوية والأدبية والشرعية، ثم كر راجعا إلى المغرب سنة 2013، مندرجا في سلك التعليم العتيق النظامي الذي لا يزال فيه إلى الآن.

أما علاقته بالشعر فقد كانت مبكرة بعض الشيء، فمنذ بدأ حفظ القرآن بدأ تعلقه وشغفه باللغة العربية، فاتجه إلى الشعر حفظاً، فروايةً، ثم نظما وإنشاء إلى أن برز فيه وفاق، بشهادة من يعتد بشهادته.

 

القصيدة:

فِي ظُلْمَةِ الشَّوْقِ ناجَتْكَ ابْتِهَالاتِي

رُغْـمَ الْـمُعَـاناةِ مِنْ خَوْنِ الْعِـبَاراتِ

 

فِي ظُلْمَةِ الشَّوْقِ أَبْيَاتِي وَقَدْ عَكَفَتْ

دَهْـرًا طَـوِيـلًا بِـمـِحْرابِ الصَّبابَـاتِ

 

فِي ظُلْمَةِ الشَّوْقِ أسْبَلْتُ الدُّموعَ لِكَيْ

تَـسْقِـي الْأزاهِـيـرَ في رَوْضِ النَّدامَاتِ

 

ولَّيْتُ شَـطْـرَكَ وجْهِي والْهَوَى سَـفَرٌ

زَادِي وَراحِـلَـتِي فـيـهِ اعْـتِـرافَـاتِـي

 

إِذْ كُنْتُ قَبْلَ سِفَارِي فِي الْمُجُونِ فَـتًى

يُـنَـاوِلُ الـشَّـرْبَ رَاوُوقَ الْـخَـطِـيـئِـاتِ

 

مَـوْلايَ آه .. وفِي الآهـاتِ إنْ مُـزِجَـتْ

بِـأدْمُـــعِ الـصَّــبِّ آلافُ الْـحِـكَـايــاتِ

 

تُغْنِي عَنِ الْبَــوْحِ .. عَنْ غَوْصِي بِقَافِيَتِـي

-مِـنْ أجْلِ شَكْوايَ- فِي عُمْقِ الْمُحِيطاتِ

 

مَـوْلايَ ذِكْـرِي لِـزَلَّاتِـي -هُـنَـا- عَـبَـثٌ

فَـأنْـتَ أعْـلَـمُ مِــنْ نَـفْـسِـي بِــزَلَّاتِـي

 

قَـصْـدِي لِـمَـشْفَاكَ حِينَ الْـوَجْدُ أثْخَنَنِي

يُــوحِــي بِــشِـدَّةِ حَــوْجِـي لِلْـمُـدَاواةِ

 

أمْـسَـيْـتُ وَحْـدِي ..

كَـأنِّي يُـوسُـفٌ .. وَ كَأنَّ الْـحُـبَّ جُـبِّـي.. وأشْـعـارِي غَـيَـابَـاتِي (م)

 

 لَيْسَتْ تَـبِـلُّ جِراحَاتِي الَّتي قَدُمَتْ

إلَّا لِـتَـرْكِ مَـــكـــانٍ لِلْــجَـدِيـداتِ

 

يَا رَبّ ..هَلْ يَا تُرَى .. “يَا رَبّ” تَسْمَعُهـا ..

مِنْ شَـاعِـرٍ تَـاهَ فِـي دَرْبِ الشِّـكـايَـاتِ

 

فَـقَـامَ يَـشْـدُو بِـمـا أمْـلاهُ ..خَـاطِـرُهُ

فِي ظُلْمَةِ الشَّوْقِ مِنْ .. وَحْيِ الْمُناجاة

 

وَقَامَ مُسْتَمْطِرًا مِنْ حُـبِّـهِ مِـدَحًا

لِأَفْـضِـلِ الْخَلْقِ مِنْ مَاضٍ وَمِنْ آتِ

 

مَدْحًا تَرَدَّى ثيَابَ الشَّوْقِ فَاخْتَلَطَتْ

شَتَّى الْأحَـاسِيسِ مِنْ بِشْرٍ وَأَنَّـاتِ

 

لَكِنَّ سُلْـطَانَ شَـوْقِي غَالِبٌ أَبَدًا

عَلَى مَدِيحِ مَعَانِيهِ الْـعَـلِـيَّـاتِ

 

لِأنَّنِي عَـاجِـزٌ عَنْ مَدْحِ جَوْهَرِهِ

تُقِرُّ بالْعَجْزِ أَفْكَـارِي وَ أَبْيَـاتِـي

 

دَعْ عَـنْكَ مَدْحَكَهُ “بِـالْبَحْرِ فِي كَرَمٍ”

وَ “الدَّهْـرِ فِي هِـمَمٍ” أَوْ “بِـالْبُطُولَاتِ”

 

هَيْهَـاتَ هَيْهَـاتَ أَنْ تُحْصِي فَضَائِلَهُ

مَهْمَا تَفَنَّنْتَ فِي نَسْجِ الْـخَيَـالَاتِ

 

إنَّ الرَّسُـولَ غَـنِـيٌّ عَنْ مَـدَائِحِـنَـا

بِمَدْحِـهِ مِنْ لَـدُنْ رَبِّ السَّمَـوَاتِ

 

وَالْمَدْحُ لِلْمُصْطَفَى مـَدْحٌ لِـقَائِـلِهِ

هَذَا -لَعَمْرِيَ- مِنْ أَسْنَى اللُّبَانَاتِ

 

يَـا حُـبَّـهُ أَنِـلِ الْمُشْتَـاقَ قَـافِـيَـةً

بِـهَـا يُـرَقَّى إِلَى أَعْلَى الْمَقَامَاتِ

 

يَـا حُبَّهُ كُنْ مُعِينِي فِي مَـدَائِحِهِ

يَـا شَوْقَهُ صَيِّـرِ الْأَقْـلَامَ نَـايَاتِ

 

يَـا سَيِّدِي يَـا رَسُـولَ اللهِ مَعْذِرَةً

إِنْ بُـحَّ صَـوْتِي وَخَـانَتْنِي عِبَارَاتِي

 

مَاذَا أَقُولُ !؟ وَأَيْنَ الْقَوْلُ أَيْنَ فَمِي!؟

فَمِي!! أُحِسُّ بِـهِ قَدْ شَطَّ عَنْ ذَاتِي

 

وَفِكْرَتِي مَا ائْتَلَتْ تَعْدُو مُحَاوِلَـةً

نَزْعَ الْحَقِيقَةِ مِنْ بَيْنِ الْمَجَازَاتِ

 

وَأحْرُفِي كُـلُّهَـا صَـارَتْ مُرَنَّحَةً

مَا بَيْنَ مِـيـمٍ وَدَالَاتٍ وَحَــاءَاتِ

 

مَا حِيلَتِي!؟ إنَّنِي بِالْعَجْزِ مُعْتَرِفٌ

وَفِكْرَتِي بِسِوَى الْأَشْوَاقِ لَا تَـاتِي

 

اللهَ اللهَ فِي قَلْبٍ تُـجَـنْـدِلُـهُ

مِـنَ الصَّبابَـاتِ أَعْقَابُ الصُّبَابَاتِ

 

خَلَّى الْمَدِيحَ وَخَلَّى كُلَّ قَـافِيَةٍ

وَذَابَ فِي بَدْئِـهِ قَبْلَ ِالنِّهَايَاتِ.