قصيدة «سِدْرَةُ الْمَعْنَى» للشاعر المصري سمير مصطفى فراج حسن الفائزة بالمركز الثالث في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم في نسختها الثانية لعام 2017، عن فئة الشعر الفصيح.

القصيدة:

دَنَتْ سِـــــــــدْرةُ المَـــــــــعْنَى لِعُــــــــشَّاقــــــــِها أُفْـــــــقا

فَلــــــــُذْتُ بِـــــــــــــــها بَيْتا أُرَبِّي بِهِ الــــــــــــــــــــــبَرْقا

 

قَضَيْتُ سِـــــــــنيني أَجْــــــمَعُ الضَّـــــــــــــــــوْءَ عَــــــلَّهُ

 يَكـــــــــــــونُ لِســــــــــــاني حـــــــــينَما أَشْتَهِي النُّطْقا

 

وهَيَّأْتُ مِجْدافــــــــــــــــــي لأَجْـــــــــــتازَ أَبْــــــــــــحُراً

إلَى حيثُ لا تُحْصِـــــــــي سَوَاحِـــــــــــــلُها الغَــــــــرْقَى

 

و أَََرْفَـــــــــعُ منْ حُـــــــــــــــــــورِِ القَوافِـــــــي قَصيدةً

إلَى بابِ مَــــــــنْ أَهـــــــــــــــــْوَى فَتَسْبِقُنِي طَـَــــــرْقَا

 

فَلا أَرْتَقِي إِلا بِمــــــــــــعْـــرَاجِ صَـــــــــــــــــــــــبْوَتي

ولا يَمْــــــــــــــــلِكُ المــــــِعْـــراجُ إِذْنَا لــــــــِمَنْ يَرْقَى

 

يَقُولونَ لِــــــــــي مَـــــــــــنْ أَنْتَ فِيمَـــنْ تَزاحَمُــــوا

ومَنْ أَنْتَ فِــــــــــيمَــنْ أَدْمَنوا قَبْــــلَكَ العِـــــــــــشْقا

 

فَــــــــــــقُلْتُ أَنا صَـــــــــــــــبُّ إذا قِـــــــــــيسَ لَيْلُهُ

فَلَنْ تُدْرِكَ الأزْمانُ مِنْ سُـــــــــــــــهْدِهِ عُــــــــــــمْقا

 

فُـــــــــــــؤادِي بِهِ مِنْ جَــنَّةِ العِــــــــــــــــشْقِ ما بِهِ

فَأَنْعِــــــــــمْ بِجَنَّاتِي و إِنْ أَلْهَـــــــــــــبَتْ حَــــــــرْقا

 

فلا يَشْـــــــــــــتَهِي قَلْبِي جَنَىً غَــــــــــــيْرَ قُــــرْبِهِ

و لا يَرْتَجِي مِنْ نارِ أَشْـــــــــــــوَاقِهِ عِــــــــــــــتْقا

 

أُطِـــــــــلُّ عَلَى ذَاتِي فَــــــــــــــأَرْتَدُّ خَاسِــــــــــئَاً

فَتَرْفَعُنِي الآمــالُ إِذْ تَلْمَـــــــــــحُ الصِّــــــــــــــدْقَا

 

بَدَوْتُ مُضيئاً حينَ فــــــــــــــــارَتْ بِمُــــــــهْجَتِي

شُموسٌ مِــن التَّحْنانِ أَسْمَيتُها الشَّـــــــــــــــوْقا

 

حَبيبي لهُ في كُـــــــــــــــلِّ قَلْبٍ حــــــــــــــكايةٌ

سَـــــــــــــــيَرْحلُ راويها و مِنْ بَعْــــــــدِهِ تَبْقَى

 

سَيَحْفَظُها الأحْفـــــــــــــادُ عَنْ جَـــــــدِّهِمْ هُدَىً

و تُلْبِسُها أُمٌ لأطْفــــــــــــالِها طَـــــــــــــــــوْقا

 

نَبِيٌّ أَتَى مِـــــــنْ مَشْـــــــــــرِقِ الْفَيْضِ هادِياً

فَبَوْصَـــــــــــلَةُ الأرْواحِ تَهْفُو بِنَا شَــــــــرْقا

 

بِميلادِهِ صــــــــــارَ الزَّمانُ أبا الْهُــــــــــدَى

و قَدْ كانَ ذا عُــقْمٍ و إنْ أَنْجَبَ الْخَــــــــــلْقا

 

لهُ طَلْعَةٌ يَرْوي العُــــــــــــــــــيونَ جلالُها

فكلُّ عُـيونِ العاشِـــــــــــــــقِينَ بها تُسْقَى

 

و أَغْبِطُ عَيْناً مِــــــــــــــــنْ مُحَيَّاهُ أُتْرِعَتْ

فإنَّ فُؤادي بالتَّمَنِي قَـــــــــــــــدْ اسْتَسْقَى

 

بَكَى الْجِذْعُ تَحْنانَاً و شَـــــــــوْقَاً إِذا نَأَى

فَمَنْ ذا يَلومُ الْبَدرَ يَــــــــــوْماً إِذا انْشَقَّا

 

كَتَبْتُ اسْمَهُ و الشَّوْقُ يَجْتَاحُ مُـــهْجَتِي

فصارَ لِفَرْطِ الضَّوْءِ فـــــي رَسْمِهِ نُطْقَا

 

أَظْمَأُ في الدُّنْيا و حُبُّكَ غَـــــــــــــيْمَتِي

جَرَتْ في وِهادِ الرُّوحِ أَمْطَارُها غَـــدْقَا

 

و أَشْرُدُ بَحْثَاً عنْ مُحَيَّاكَ في الْمَــــــدَى

فَيَرْوِي بَهاكَ القَلْبَ و الْجَفْنَ و الْحَــلْقا

 

مَلَكْــــــــــــــتَ مَفاتيحَ القُلوبِ بِرَحْمَةٍ

لِتَفْتَحَها لِيناً و قَدْ أُحْـــــــــــكِمَتْ غَلْقَا

 

فقيرٌ و لكنْ مِـــــــــــــــنْ جَلالِ كُنوزِهِ

سَجاياهُ فَاسْتَعْصَى عَلَى طَعْنِهِمْ صِــدْقَا

 

كَرِيمٌ و مَا فِي الْجُــــــــــــودِ غَيْمٌ كَكَفِّهِ

يَرَى فِي الْعَطايَا حِينَ يَسْخُو بِها رِزْقَا

 

إِلَيْهِ انْتِهَاءُ الْجُودِ بَلْ مِنْهُ أَصْـــــــــلُهُ

إِذَا اشْتُقَّ مِنْ سَمْتٍ فَمِنْ سَمْتِهِ اشْتُقَّا

 

فَلَوْ عانَـــــقَتْ عَيْنَاهُ طَـــــــــلَّةَ سَائِلٍ

لأَعْطَى عَلَى قَدْرِ الْيَقِينِ و مَا اسْتَبْقَى

 

تلاطَــــــــــــــــمَ مَوْجُ الْكُفْـــــــــرِ حَتَّى إِذا عَتَا

نَشَـــــــــــرْتَ شِــــــــراعَ اللهِ كَيْ تُنْقِذَ الغَرْقَى

 

يَرُدُّونَ فِي الطُّوفانِ طَــــــــــوْقَ نَجــــــــاتِهِمْ

فَقَدْ شَوَّشَتْ فِــــــــــــيهِمْ غَــــــــرَابِينُهُمْ نَعْقَا

 

عَلَى ضِفَّتَيْ كَفَّيْكَ يَرْسُــــــــــو سَــــــــفِينُهُمْ

و مَا زِلْتَ تُنْجِيهِمْ و إِنْ أَحْــــدَثُوا خَـــــــرْقَا

 

لَقَدْ أَحْرَقَ الْحَمْقَى سَعِـــــــيرُ عِنَادِهِــــــــمْ

فَأَمْطَرْتَ مَاءَ الْحِلْمِ كَــــيْ تُطْــــفِئَ الْحَمْقَى

 

أَتَيْتَ و تاريخُ الْمُــــــــــــــــــروءاتِ غابِرٌ

فَمَنْ حَفِظوا شِقَّاً فَــــــقَدْ ضَـــــــيَّعوا شِقَّا

 

فَأَحْيَيْتَهُ هَــــــدْياً و جَدَّدتَهُ تُـــــــــــــــقَىً

و أَكْمَـــــلْتَهُ دِيناً و أَهْــــــدَيْتَهُ الْخَــــلْقَا

 

تَعاليمُكَ البَيْضاءُ نادَتْ فَأَسْمَعَـــــــــــتْ

فَلَسْتَ الذي يَرْضَى بِأَنْ يُحْشَروا زُرْقَا

 

فَصَـــــــوْتُكَ لَمْ أَسْمَعْــــــــــــــــــهُ لكنْ رأَيْتُهُ

يَوَاسِي يَتيماً حــــــــينَ يَجْــــــــنِي لَهُ الحَــقَّا

 

ووَجْهُكَ لَمْ أُبْصِـــــــــــــــــــــــرْهُلكنَِّ نورَهُ

أَتانِي كَوَجْهِ الشَّمْسِ لا يَعْــــــــــرِفُ المَحْقَا

 

بَرَتْكَ يَدُ الرَّحْــــــــــــــــــــــــمَنِ آيَةَ رَحْمَةٍ

فَيالَيْتَنِي عَيْنٌ رَأَتْ وَجْــــــــــــــهَكَ الطّـَلْقا

 

و صَـــــــــدَّقْتَ ظَــــــــنَّ الشَّانِئينَ بِمــَكَّةٍ

فَأَخْزَيْتَهُمْ عَـــــــــفْواً و أَخْجَلْتَهُمْ رِفْــــقَا

 

و وَضَّأْتَ جِــــــــــــيلاً طَرَّزَ الآيُ سَيْفَهُ

فما فَتَحوا البُلْدَانَ بَلْ رَتَّلوا الأُفْـــــــــــقَا

 

و مَنْ سَـــــــــــنَّ بالقُرْآنِ رَأْسَ سِهَامِهِ

فَأَنَّى تَلا سَهْــــــــمَاً فَقَدْ أَحْسَنَ الرَّشْقَا

 

رِجالٌ وُضــــــــوءُ السَّيْفِأَذَّنَ سَعْيَهُمْ

فَطافوا بِحَـــــدِّ اللهِ و اسْتَأْصَلُوا الْفِسْقَا

 

فَلَمْ يَكْتُبُوا  بالسَّيْفِ سَـــــــطْرَ خُــــــلودِهِمْ

و لَكِنَّهُمْ خَــــــــــــــــــطوهُ بالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى

 

فَما السَّيْفُ إِلا مُـــــــــــــصْحَفٌ فِي أَكُفِّهِمْ

مَتَى أَبْصَـــــــــــرُوا جُرْحَاً تَنَادوا لَهُ رَتْقَا

 

رُزِقْــــــــــــــتُ مِنَ الْجَاهِ اشْتِهَائِي لِقَاءَهُ

فَأَنْعِمْ بِهِ جَـــــــــاهَاً و أَكْـــــــرِمْ بِهِ رِزْقَا

 

لَقَدْ أَعْـــــــــــشَبَتْ فِي الرُّوحِ بِذْرَةُ حُبِّهِ

فَلَمْ تَعْرِفْ الآفـــــــــاقُ فِي طُولِهَا سَمْقَا

 

سَتَفْنَى الشُّــــــــــمُوسُ الْغَارِبَاتُ بِدِفْئِهَا

وَ يَبْقَى شُروقُ الدِّفْءِ فِي سَمْتِكَ الأَتْقَى

 

بَدَتْ أَفْعَــــــــــــلُ التَّفْضِيلِ دُونَ صِفَاتِهِ

و كُلُّ خَيَالٍ ضَاقَ عَنْ وَصْـــــــــفِهِ حَقَّا

 

و ذَاقَ سُمُوَّ الْحَـــــرْفِ فِي مَدْحِهِ فَمِي

و لَسْتُ لَهُ كُفْوَاً سُـــــــــمُوَّاً و لا ذَوْقَا

 

تَسَارَعَ نَبْضُ الْحَرْفِ حَــــــــتَّى إِذا جَرَى

عَلَى أَسْطُرِي بَوْحَاً أُحِـــــــــسُّ بِهِ صَعْقَا

 

فَقالَ طَبِيبُ الْحَــــــــــــــرْفِ إِنَّ الَّذِي بِهِ

 رِهابُ عُلُوٍّ يَعْـــــــــــــــــتَرِيهِ إِذَا يَرْقَى

 

فكَيْفَ احْتِمَالُ السَّطْــــــرِ مَعْنَى اشْتِيَاقِهِ

و فِي ضَــــمِّهِ الْمَعْنَى قَدْ احْتَضَنَ الْبَرْقَا

 

فَمَنْ لِي بِحَرْفٍ مِنْ لُغَــــــــــاتٍ مُضِيئَةً

و مَنْ لِي بِلَفْـــــظٍ مِنْ سَنَا هَدْيِهِ الأَرْقَى

 

فَمَاذَا يَخُـــــــــــطُّ الصَّبُّ لَوْ كَانَ حَرْفُهُ

لَهُ خَافِــــــــــقٌ دَوَّى عَلَى سَطْرِهِ خَفْقَا

 

و كَيْفَ يَشَــــــــــيدُ الْمُفْرَداتِ عِــبَارَةً

إِذَا قَلْبُهَا مِــــــــــــنَْبْيِنِ أَضْلاعِهِ دَقَّا

 

و فَتَّشْتُ عَــــــــــنْ حِبْرٍ يَلِيقُ بِوَصْفِهِ

فَبَاتَ يَرَاعِي الْعُـــــمْرَ يَسْتَعْصِرُ الْوَدْقَا

 

فََيا سَيِّدَ الْمَعْنَى تَلَعْـــــــــــــــــــثَمْتُ عَاشِقَاً

و ما زِلْتُ أَسْـــــــــــتَجْدِي الْمُحَالَ و ما رَقَّا

 

بِقَدْرِ حَنِينِي لا بِقَدْرِ فَصــــــــــــــــــــاحَتِي

أَجِرْنِي بِصَوْتٍ يَحْـــــــــــتَوِي ذَلكَ الشَّوْقَا

 

لَقَدْ فَاضَ حُـــــــــــــبِّي عَنْ حُدِودِ بَلاغَتِي

و لَمْ يَبْقَ لِي حَرْفٌ أُرَوِّضُهُ عِــــــــــــشْقَا

 

نَحَــــــــــــــــتُّ جِدَارَ الْقَلْبِ وَجْهَ قَصِيدَةٍ

لِيَهْدَأَ نَبْضَاً إِذْ حَوَاكَ فَلا يَشْــــــــــــــــقَى

 

لأَهْلِ الْهَوَى الْعُــــــــــــلْوِيِ دَرْبٌ عَرَفْتُهُ

و لَيْسَ عَــلَى الْعُشَّاقِ أَنْ يُحْرِزُوا السَّبْقَا

 

لَقَدْ َخّـــــَطْتْ الأَشْواقُ فِي الْقَلْبِ وَجْدَهَا

فَمِمَّا بِهِ خَــــــــــــــطَّتْ و مِمَّا بِها أَلْقَى