وصلت قصيدة “صائغُ الحياة” للشاعر مسار رياض، للمرحلة النهائية في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم في نسختها الأولى لعام 2016.

 

مسار رياض هو شاعر عراقي ولد عام 1980. حصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الكومبيوتر، كما حصل على عضوية اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في البصرة، وترأس نادي الشعر في البصرة (الدورة التأسيسية 2007)، فضلا عن كونه عضو مجموعة شعراء العالم في تشيلي.

فاز بعدد من الجوائز الأدبية المحلية والعربية، كما نشرت له مجموعة من قصائده في الصحافة الورقية والإلكترونية المحلية والعربية، وشارك في العديد من الملتقيات والمهرجانات الثقافية في الوطن العربي.

صدرت له مجموعة شعرية بعنوان (بوابة إلى عالم بلا وطن) عام 2007، و(حكاية عين) – قصيدة في كتاب – 2009، ومجموعة قصصية بعنوان (لا)، عام 2011، ومجموعة شعرية مشتركة عام 2010، بعنوان “جنوب يبتكر المطر”.

 

 

القصيدة:

مُكَبَّلٌ بِتُراثِ الصامتينَ فَمُ

مَرَّتْ عليهِ لغاتُ الأرضِ أخيلَةً

ذوى انتظاراً على أعتَابِ مِحنَتِهِ

و أَوغَلَ التِيهُ في كُلِّ الجهاتِ فَلا

و أَوقَدَتْ ساعةُ الإصغاءِ شَمعتَها

وغَابَ مَنْ غَابَ في أقصـى مفَازتِهِ

 

حَتّى نَزَلتَ بدُنيا المُتعَبينَ سناً

إذْ قيلَ للنورِ–عامَ الفيلِ–كُنْ جَسَداً

حَطَّتْ لأجلِكَ أفواجاً مُهَلِّلَةً

و مَسَّ ضَوؤكَ أَجيالاً مُعَطَلَّةً

و صارَ ثغرُكَ عَرَّاباً لبَسْمَةِ مَنْ

و لاذَ في ظِلِّكَ المسلوبُ أَمنَهمُ

 

محمدٌ .. هذهِ الدُنيا .. وأزمَتُها

تَغفُو وتصحُو على نَفسِ الرمادِ و لا

رَضَتْ مُسَلِّمَةً باليأسِ مُعتَقَداً

والنفسُ تَرضَى بأدنَى العيشِ مَنزلِةً

و أَنتَ في مُنتهى أوجَاعِها نشَـرَتْ

 

مَنارةً كُنتَ في أعتى خَرائِبِها

هُمْ مَنْ يَعيشونَ أَقصـَى هَمِّهِمْ نُتَفٌ

و مَنْ يَغُصُّ بِهِمْ ضَيمٌ ومَا عَلِمُوا

مَنْ قَدَّسوا اللاتَ والعُزَّى وَ مَنْ هَرِمُوا

ومَنْ يُعَرِّشُ في أيامِهِ النَدَمُ

مِنْ بَحرِ أَعمارِهِم يَمضـي بِهِمْ عَبَثَاً

و أَنتَ يا خيرَ خلقِ اللهِصَوتُ هُدىً

و تَنشـُرُ الذكْرَ حتّى كُلُّ نَازِفَةٍ

 

محمدٌ .. يا يداً بيضاءَ خُذْ بِيَدي

و نَقِّنِي مِنْ زَمانٍ كُلُّهُ دَرَنٌ

فلا أراني إذا أشْرَقتَ في خَلَدِي

أَتيتُ وَ الشوكُ يروي بعضَ ما بِفمي

خُذني ارتباكاً ودربي كُلُّهُ قَلَقٌ

خُذني إلى حيثُ ألبَسْتَ الدُنا سُرُجاً

وحيثُ تَمنَحُني كفَّاكَ بِرَّهُمَا

و حيثُ يِورِقُ عَقلٌ طَالَما وَقَفَتْ

 

محمدٌ… عَلِّمِ العُشَّاقَ شِرعَتَهُم

قِفْ انتماءً لِمَنْ ألقَتْ معاوِلُهُمْ

وأنتَ غيمُ مَهيِبٌ .. قَطرُهُ عِبَرٌ

 

محمدٌ .. كلُّ حَرفٍ فيكَ مُعجِزَةٌ

و كلُّ يومٍ .. قَضَتهُ الأرضُ أنتَ بها

و كُلُّ خطوةِ دَربٍ كُنتَ تَبذُرُها

أنتَ اكتمالُ أَمانِينا التي التَصَقَتْ

و أنتَ أنقى نداءاتِ السماءِ لَنا

فَدَعْ صباحاتِكَ الخضـراءَ تَغمِرُنا

مَعَارجُ النُطقِ في آمالِهِ عَدَمُ

وعَادَ مُنكسـِراً مِنْ دونِها الحُلُمُ

مُكَابِدٌ .. باعتِنَاقِ النورِ مُتَّهَمُ

يُرى على خَارِطاتِ العَيشِ مُعتَصَمُ

فَقَدْ يَمُرُّ على عُودِ السما نَغَمُ

لِفَرطِ ما اشتدَّ في أنفاسِهِ السأَمُ

 

بهِ جَميعُ ضَلالِ الليلِ يُختَتَمُ

فَكُنتَ أنتَ .. بِبَالِ النورِ تَرتَسِمُ

ملائِكُ اللهِ حَولَ المهدِ و ازدَحَمُوا

عَنِ الهُدى ..  فاستَقَلَّتْ صُبحَهَا الأُمَمُ

قدْ عَاشَ في فَمِهِ مَوَّالُهُ الأَلَمُ

فَإنَّ ظِلَّ فؤادِ المُصطَفَى حَرَمُ

 

يَحُوكُها صَنَمٌ مِنْ بَعدِهِ صَنَمُ

تَثُورُ في كَفِّها مِنْ حَالِها حِمَمُ

لَمَّا بِها الجِبتُ والطاغُوتُ قَد حَكَمُوا

إذا تسَاوى لديها الدُرُّ والفَحَمُ

يدَاكَ طِبّاً لِمَنْ في وعيهِ سَقَمُ

 

قامَتْ تشُعُّ لِمَنْ صَمُّوا بها وعَمُوا

مِنَ الحياةِ  وقَد شَحَّتْ بِهمْ ذِمَمُ

بأنَّهم مُذْ رَضُوا بالذُلِّ قد هُزِموا

يُخَادَعونَ…ومَنْ غَشَّاهُمُ الوَهَمُ

لوأدِ طِفلتِهِ الأولى … ومَنْ سَئِمُوا

كأنَّهُم في صَواري دهرِهِم رِمَمُ

لِحبلِ رَبِّكَ تدعُوهُم ليعتَصِموا

إذا تَمُرُّ بِها الأياتُ تَلتَئِمُ

 

و خَلِّ مَعنايَ في مَعناكَ يَلتَحِمُ

فإنّني بهمومِ العُمرِ مُزدَحِمُ

كأنَّ كُلَّ وجودي فيكَ يَنعَدِمُ

و أَحرُفي مِنْ وَصايا النازِفينَ دَمُ

وليسَ تُسعِفُني كَفٌ و لا قَدَمُ

وحَيثُيُزهِرُ في عَليائِكَ الكَلِمُ

وحَيثُ يذوي اضطرابي حينَ تَبتسِمُ

أفكارُهُ بِلظى الكُهَّانِ تَضطَرِمُ

 

فَهُمْ إلى الآنَ درسَ الحُبِّ مَا فَهِمُوا

أحقادَها فوقَهُمْ هَدماً و ما انهدَمُوا

و لهفُةُ الوردِ للماءِ الزُلالِ هُمو

 

و كُلُّ فَهْمٍ إلى إدراكِهَا قَزَمُ

دَرْسٌ يُعَلِّمُ مَنْ بِالحقِّ ما عَلِمُوا

نَمَتْ جِناناً على آثارِها القِيَمُ

بيأَسِها .. و استَقَالَتْ دونَها الهِمَمُ

ِأتى يُنَبِّهُ مَنْ في فَهمِهِ صَمَمُ

فَقَدْ تَشَابَكَتِ الأرواحُ و الظُلَمُ