قصيدة «من جانب الليل» للشاعر السعودي عبد الله بن محمد بن عطا الله العنزي الفائزة بالمركز الأول في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، في نسختها الثانية لعام 2017، عن فئة الشعر الفصيح.

القصيدة:

سهدان مرّا وليل العارفين غفا

فهمتُ ما همت .. لم أهزز له كتِفا

 

أكنت وحدي أنيس البدر لا سحبٌ

ولا نجومٌ ؟ .. وكان الوجد قد عصفا

 

والعاشقون على أبواب لهفتهم

قد أدمنوا طرقها واستعذبوا الشغفا

 

مروا خفافا بكهف العشق وارتحلوا

وخلفوا العطر والدمع الذي انذرفا

 

أدركت لما تهاوت في المدى حجبٌ

أن الطريق إلى التاريخ قد كشفا

 

يا أنت .. والتفّت الأشعار حائرةً

واسّاقط الحبر في كفيّ مرتجفا

 

صوت من القدر المجهول يهتف بي

الآن حق لركب الدهر أن يقفا

 

وقفت بالغد في كفيّ أسئلةٌ

ألقي بها للمدى محمومة كسفا

 

من أين نمضي ؟

إلى أين الطريق ؟

متى ؟

أكاد أبكي لوجه الغيم منكشفا

 

صرختُ حتى تلظى صوت قافلةٍ

في ظلها ألف ناي للأسى عزفا

 

حتى أتيت لغارٍ حوله زمرٌ

من الملائك تمحو حوله السُدَفا  

 

دخلت من عتمة الدنيا إلى أفقٍ

من البشارات مشغوفا به كلفا

 

أبصرتهُ واقفا في أي بارقةٍ

من الشعور مهيبا كاملا شرفا 

 

صرخت يا سيدي .. يا من فداه دمي

أجب عروقا تقاسي بعدك التلفا

 

أجب يمامًا حزينا لم يدع طللا

إلا بكاك به حتى قضى أسِفا

 

يا سيدي ..

يا رسول الله أي هوى

في غفلة من عيون الناس قد خُطِفا

 

أكاد أذكر .. كنا ميتين هنا

وكنت وحدك من في الموت قد وقفا

 

إني لأبكي .. وتبكي ألف قافيةٍ

رأتك حبا .. وحبا كان مختلفا

 

حبا من الله .. لما أن دللت لهُ

وصغتنا جحفلا واقتدتنا شُرَفا

 

علمتنا كيف نبني.. والدنا هُدمت

وكيف نقرأ لا حبرا ولا صحفا

 

بل كوكبا فيه آيات وأعظمها

أن كنت فيه مدارا بعد ما اكتُشفا

 

أكنت في صلب إبراهيم منتظرا ؟

أم كنت في الغيم للرحمن معتكفا ؟

 

ميقات ربك يومٌ .. من سواك لهُ

على براقٍ بتقوى الله قد عُسِفا

 

صعدت والأرض ولهى .. فالتفتّ لها

فأسفرت وارتقى العباد والعُرَفا

 

أسرى بك الله ..

بل أسريت أنت بنا

إلى الجنان لكي نبني بها غرفا

 

ملأت صدر السما بالذكر فانشرحت

وعدت تحمل نور الله مكتنِفا

 

يا سيدي .. حنّ ذاك الجذع فاقتربت

كفاك منه فرَقّ الجذع والتحفا

 

فمن سيُسكِنُ ألبابا وأفئدة

تقطعت حسرةً واستُنزفت لهَفا

 

أقل ما في ضلوع الصدر من ولهٍ

لو مس بدرا لغاب البدر أو خسفا

 

وكيف لا ؟! يا مقام النور يا جسدا

قد حيّر الطين لولا أنه ارتجفا

 

حمّلت نفسي ظلام الكون وانغمست

به حروفي .. فعادت كلها ألفا

 

حاولت مقتفيا ذكراك يا شغفي

فضعت دهرا وما ألفيت منعطفا

 

حتى وصلت إليك الآن .. خذ بيدي

فقد أتيتك محموم الخُطا دنٍفا

 

وأنت من أيقظ الدنيا برمتها

ونمت في عين رب الناس ملتحٍفا

 

وأنت من شف ثغر منك عن قبسٍ

الشمس والبدر حلّا فيه وائتلفا

سعيٌ لهاجرَ في دمع قد انفجرت

من صدقه زمزم والكون قد رشفا

 

وأنت يا نبع أحلامٍ قد ارتشفت

منك الليالي ومنك العالم اغترقا

 

عذري إليك وإن قصرت يا أملي

أنْ لا حروف ستكفيني لكي أصفا

 

تأتي لنا منك ذكرى كلما ابتسمت

شمس وأومأ فجر ضاحك وهفا

 

يا رابطا فوق جوع الليل .. أي أسى

أوجعته حين كنت الصبر والأنَفَا

 

تركت خلفك أجيالا ضمائرهم

تهفوا إليك .. ومجدا جاء مزدلفا

 

ها مروة العطش الممتد زمزمها

يصيح في الناس من منكم لديه صفا

 

وأنت نهر على شطيه أجنحة

مرفرفات وشوق خالدٌ نزفا

 

أرجوك خذنا .. فإنّا أمةٌ جُرفت

ودربها خِلسةً صوب الردى حُرفا

 

نمر بالأرض والأحقاب تُنكرنا

فأي جيل لكم يا سيدي خلفا

 

جئنا حيارى وأنت الكون أجمعه

إليك يسعى ومن إلاك قد عَرَفا

 

جئنا لنوقد شمعا من أصابعنا

مروَعين فقد صرنا هنا ضُعَفا

 

يا كاتب البضع والستين ملحمةً

مضيت ما قيل قد آذى بها وجفا

 

نسير في ظل نخل منك لو عصفت

به السنين لما ألوت له سعفا

 

يبقى لنا منك آياتٌ نرتلها

وحكمة أشرقت فوق الدنا شرفا

 

وقصة عن نبي جاء مأتلقا

وأنبت النور في الأيام وانصرفا

 

وخلّف الذكر أنساما تمر بنا

بها نعيمٌ وعشقٌ كامنٌ وشِفا

 

صلى عليك إله الكون ما دمعت

عين وما ناح طير في السما وعفا

 

وما تحير فيك الشعر واختلفت 

به المعاني وما أعجزت من وَصفا

 

وما تلا الذكر عباد سرائرهم

تفوح بالمسك إيمانا ومعتَكفا

 

أود لو أُسمِع الدنيا برمتها

قلبا يناديك “إني عاشق وكفى”

 

حسان في أضلعي روحٌ ترِفّ سنا

والريم في القاع للماضين قد تهفا

 

“مولاي” وانبجست عينٌ ، وسال طِوى

وجاءك الكون مكسورا ومعترفا

 

ما زلت والليل يغفو ثم أوقظهُ

والحلم مرتقبٌ فجرين قد أزفا

 

حتى نعستُ .. فقل لي هل سيغفر لي

أن كنتُ آخر مشتاقٍ إليك غفا ؟

 قصيدة «من جانب الليل» لـ«عبد الله العنزي» الفائزة بجائزة كتارا شاعر الرسول ﷺ
قصيدة « من جانب الليل » للشاعر السعودي عبد الله بن محمد بن عطا الله العنزي الفائزة بالمركز الأول في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، في نسختها الثانية لعام 2017، عن فئة الشعر الفصيح.
القصيدة:
سهدان مرّا وليل العارفين غفا
فهمتُ ما همت .. لم أهزز له كتِفا

أكنت وحدي أنيس البدر لا سحبٌ
ولا نجومٌ ؟ .. وكان الوجد قد عصفا

والعاشقون على أبواب لهفتهم
قد أدمنوا طرقها واستعذبوا الشغفا

مروا خفافا بكهف العشق وارتحلوا
وخلفوا العطر والدمع الذي انذرفا

أدركت لما تهاوت في المدى حجبٌ
أن الطريق إلى التاريخ قد كشفا

يا أنت .. والتفّت الأشعار حائرةً
واسّاقط الحبر في كفيّ مرتجفا

صوت من القدر المجهول يهتف بي
الآن حق لركب الدهر أن يقفا

وقفت بالغد في كفيّ أسئلةٌ
ألقي بها للمدى محمومة كسفا

من أين نمضي ؟
إلى أين الطريق ؟
متى ؟
أكاد أبكي لوجه الغيم منكشفا

صرختُ حتى تلظى صوت قافلةٍ
في ظلها ألف ناي للأسى عزفا

حتى أتيت لغارٍ حوله زمرٌ
من الملائك تمحو حوله السُدَفا

دخلت من عتمة الدنيا إلى أفقٍ
من البشارات مشغوفا به كلفا

أبصرتهُ واقفا في أي بارقةٍ
من الشعور مهيبا كاملا شرفا
صرخت يا سيدي .. يا من فداه دمي
أجب عروقا تقاسي بعدك التلفا

أجب يمامًا حزينا لم يدع طللا
إلا بكاك به حتى قضى أسِفا

يا سيدي ..
يا رسول الله أي هوى
في غفلة من عيون الناس قد خُطِفا

أكاد أذكر .. كنا ميتين هنا
وكنت وحدك من في الموت قد وقفا

إني لأبكي .. وتبكي ألف قافيةٍ
رأتك حبا .. وحبا كان مختلفا

حبا من الله .. لما أن دللت لهُ
وصغتنا جحفلا واقتدتنا شُرَفا

علمتنا كيف نبني.. والدنا هُدمت
وكيف نقرأ لا حبرا ولا صحفا

بل كوكبا فيه آيات وأعظمها
أن كنت فيه مدارا بعد ما اكتُشفا

أكنت في صلب إبراهيم منتظرا ؟
أم كنت في الغيم للرحمن معتكفا ؟

ميقات ربك يومٌ .. من سواك لهُ
على براقٍ بتقوى الله قد عُسِفا

صعدت والأرض ولهى .. فالتفتّ لها
فأسفرت وارتقى العباد والعُرَفا

أسرى بك الله ..
بل أسريت أنت بنا
إلى الجنان لكي نبني بها غرفا

ملأت صدر السما بالذكر فانشرحت
وعدت تحمل نور الله مكتنِفا

يا سيدي .. حنّ ذاك الجذع فاقتربت
كفاك منه فرَقّ الجذع والتحفا

فمن سيُسكِنُ ألبابا وأفئدة
تقطعت حسرةً واستُنزفت لهَفا

أقل ما في ضلوع الصدر من ولهٍ
لو مس بدرا لغاب البدر أو خسفا

وكيف لا ؟! يا مقام النور يا جسدا
قد حيّر الطين لولا أنه ارتجفا

حمّلت نفسي ظلام الكون وانغمست
به حروفي .. فعادت كلها ألفا

حاولت مقتفيا ذكراك يا شغفي
فضعت دهرا وما ألفيت منعطفا

حتى وصلت إليك الآن .. خذ بيدي
فقد أتيتك محموم الخُطا دنٍفا

وأنت من أيقظ الدنيا برمتها
ونمت في عين رب الناس ملتحٍفا

وأنت من شف ثغر منك عن قبسٍ
الشمس والبدر حلّا فيه وائتلفا
سعيٌ لهاجرَ في دمع قد انفجرت
من صدقه زمزم والكون قد رشفا

وأنت يا نبع أحلامٍ قد ارتشفت
منك الليالي ومنك العالم اغترقا

عذري إليك وإن قصرت يا أملي
أنْ لا حروف ستكفيني لكي أصفا

تأتي لنا منك ذكرى كلما ابتسمت
شمس وأومأ فجر ضاحك وهفا

يا رابطا فوق جوع الليل .. أي أسى
أوجعته حين كنت الصبر والأنَفَا

تركت خلفك أجيالا ضمائرهم
تهفوا إليك .. ومجدا جاء مزدلفا

ها مروة العطش الممتد زمزمها
يصيح في الناس من منكم لديه صفا

وأنت نهر على شطيه أجنحة
مرفرفات وشوق خالدٌ نزفا

أرجوك خذنا .. فإنّا أمةٌ جُرفت
ودربها خِلسةً صوب الردى حُرفا

نمر بالأرض والأحقاب تُنكرنا
فأي جيل لكم يا سيدي خلفا

جئنا حيارى وأنت الكون أجمعه
إليك يسعى ومن إلاك قد عَرَفا

جئنا لنوقد شمعا من أصابعنا
مروَعين فقد صرنا هنا ضُعَفا

يا كاتب البضع والستين ملحمةً
مضيت ما قيل قد آذى بها وجفا

نسير في ظل نخل منك لو عصفت
به السنين لما ألوت له سعفا

يبقى لنا منك آياتٌ نرتلها
وحكمة أشرقت فوق الدنا شرفا

وقصة عن نبي جاء مأتلقا
وأنبت النور في الأيام وانصرفا

وخلّف الذكر أنساما تمر بنا
بها نعيمٌ وعشقٌ كامنٌ وشِفا

صلى عليك إله الكون ما دمعت
عين وما ناح طير في السما وعفا

وما تحير فيك الشعر واختلفت
به المعاني وما أعجزت من وَصفا

وما تلا الذكر عباد سرائرهم
تفوح بالمسك إيمانا ومعتَكفا

أود لو أُسمِع الدنيا برمتها
قلبا يناديك “إني عاشق وكفى”

حسان في أضلعي روحٌ ترِفّ سنا
والريم في القاع للماضين قد تهفا

“مولاي” وانبجست عينٌ ، وسال طِوى
وجاءك الكون مكسورا ومعترفا

ما زلت والليل يغفو ثم أوقظهُ
والحلم مرتقبٌ فجرين قد أزفا

حتى نعستُ .. فقل لي هل سيغفر لي
أن كنتُ آخر مشتاقٍ إليك غفا ؟