وصلت قصيدة “هدايا النبيِّ الأخير” للشاعر أجود مجبل للمرحلة النهائية في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم في نسختها الأولى لعام 2016.

 

أجود مجبل شاعر عراقي مولود بمدينة سوق الشيوخ في محافظة ذي قار جنوب العراق، عام 1958.

حصل مجبل على عضوية الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وعضوية اتحاد الكتاب العرب، وشارك في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الأدبية داخل العراق وخارجه.

نُشرت قصائده في كثير من الصحف والمجلات العراقية والعربية، وفاز بعدد من الجوائز الشعرية، منها الجائزة الأولى في المهرجان القطري للشعراء الشباب الذي أقيم في جامعة المستنصرية عام 1993، كما فاز بجائزة الجمهورية عام 1994، وحصل على المركز الأول في مسابقة سحر البيان عام 5 ، والمركز الأول في مسابقة مؤسسة أمل الإبداعية عام 2011.

كتب مجبل كل الأشكال الشعرية، وأصدر ديوانه الأول (رحلة الولد السومري) عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق عام 2000 ، وفي عام 2009 صدر ديوانه الثاني (محتشد بالوطن القليل) عن دار نخيل في بغداد، أما ديوانه الثالث (يا أبي.. أيها الماء) فقد صدر عن دار نورس في بغداد 2012.

القصيدة:

الليلُ عارٍ في الجبالِ ومكّةٌ        ضوضاءُ آلهةٍ وأفْقٌ عاطلُ

وشَـتـيـتُ نَجْماتٍ تُجَـرِّبُ ضوءَها الـمذعورَ في ظـلمائهِ وتُحاولُ

شجرُ الحكاياتِ انحنى حـطـباً يَـلـيـقُ بـنارِه ، إذْ لـمْ تَـزُرْهُ جداولُ

فـتـقاسمَتْ دَمَهُ الفؤوسُ ضراوةً     حـتى تَهاوى حُلْمُهُ الـمُـتـآكِـلُ

لا عـنكـبـوتٌ عـندَ بابِ الغـارِ تـنـتـظرُ الــنهارَ ولا حَــمامٌ هـادلُ

إلاّ شُعاعاً ، كَـفُّ آمــنـةٍ سَــقَـتْـهُ فأومـــأتْ لـلحــائـريـنَ مَـداخِــلُ

فَرِحَتْ بهِ الطرُقاتُ وانـشـغـلـتْ به الأبوابُ حينَ تَـذَوَّقَـتْـهُ مَنازلُ

هُوَ ذا مُحمّدُ والســماءُ بــَريدُه       وبـروحِه مطرُ الـنـبـوَّةِ هاطلُ

( لـكِ يا منازلُ ) ما سيترُكُه الفتى  مِنْ ضوئه لِيجيءَ صُبحٌ باسلُ

لـكِ ظِـلُّه الشخصيُّ ، إيماضُ الحــروفِ به ، ونهرٌ كَبَّـلتْهُ سلاسلُ

طفلٌ يُفـتِّـشُ عن أبــيه بـدِقَّـةٍ           ويجوبُ وحشتَه سؤالٌ قاتـلُ

فَتُجيبُه عَبْرَ الصحارى أُمُّهُ            وبِها مِنَ الشجنِ الوفيرِ قبائلُ

: نَـمْ يا حبـيـبي ، فالأحِبـَّةُ لـنْ يــعودوا والنـساءُ جميــعُهُنَّ أراملُ

إنَّ الغيابَ مُرَوِّعٌ ، نـَمْ ، رُبَّما       تأتـيـكَ في الأحلامِ مِنْه رسائلُ

لوْ جِئْتَ عبْدَ اللهِ ، فالولدُ الذي       أيـقَـظْتَهُ ورحلْتَ ، عنكَ يُسائلُ

أنا غيرُ قادرةٍ على تـنـويـمِه           فـبـرأسِه يكتـظُّ صـحْوٌ هائـلُ

إنْ مَسَّ خَـدَّ الرملِ يجري أنهُراً     وتصـيرُ نخْلاً في يـديهِ فـسائلُ

يَحكي بعُمْقٍ عـنْ سجايا الغيمِ ما   لَمْ تَــحْـكِــهِ للـجائـعـينَ سـنابـلُ

هُوَ فُـرصةٌ للأبـجـديـَّةِ واشــتـِقـاقٌ للـفـصـولِ ومَوعــدٌ مُــتواصِلُ

وهو انتشارُ العُشْبِ في اللغةِ الـقـلـيلةِ حِينَ يَفجعُها الغـدُ المُتضائلُ

أعرفْتَ عبدَ اللهِ ، مَنْ هذا النبيُّ ؟ وكيف جادَ بـهِ الزمانُ الـباخِـلُ ؟

هو إبْـنُـنا ، مُـدُنٌ تَـلوذُ بصوتِه        وإلـيهِ مِنْ شَوقٍ تَـسيرُ قـوافلُ

وهو الذي انـتـظرَتْه واخـتـلفَتْ بِه    روما وفارسُ والحِجازُ وبابلُ

هو آخِرُ المُـتَـضَوِّعـينَ بـحضرةِ الـتأريخِ فـاحَتْ مِنْ شَـذاهُ مَـشاتِـلُ

هو حُـلْمُنا الـشغَـفِيِّ كُنّا دائماً        مُـتَـيَـقِـنَـيْـنِ بـِـه وهـا هـو ماثِـلُ

وغداً ستأخذُه حليمةُ مِنْ يدي ، يا بَحْرَ حُزْني ، هلْ وراءَكَ ساحلُ ؟

لو عُــدْتَ عبدَ اللهِ ، يـوماً كيْ تَـــراهُ ووجْـهُـهُ بِغَـدٍ رَخِـيٍّ  حـافِـــلُ

لَضَمَمْتَهُ وجَلَسْتَ عندَ ربيعِه        ورأيتَ كيفَ اخضرَّ حزنٌ قاحلُ

في ليلةٍ سـيطولُ عـنهُ حـديـثُـنـا       ويـَزُورُنا قــمـرُ الـحياةِ الآفِـلُ

نحكي بِحُبٍّ عنْهُ وهو يُــشـيـرُ مُـبـتـسِـماً فـتَـمضي للـفـتوحِ جحافِلُ

كي تُـنْـقِـذَ الإنسانَ مِنْ جَــلّادِهِ          ويعودَ مُزدَهِراً هواءٌ ذابلُ

فَـتَـفَـتَّحَتْ في البِيدِ أرْوَعُ زهرةٍ كانتْ على عَطَشِ الرمالِ تُناضِلُ

الآنَ صارَ لغَـيْـمِـنا عـملٌ سـيُـنْـجِـزُه وصارتْ للـبُـروقِ مَـشاغِـلُ