فوضت أمرك للديان مصطبرا

بصدق نفس وعزم غير منثلم

ولَّى أبوك عن الدنيا ولم تره

وأنت مرتهن لا زلت في الرحم

وماتت الأم لمّا أن أنست بها

ولم تكن حين ولت بالغ الحلم

ومات جدك من بعد الولوع به

فكنت من بعدهم في ذروة اليتم

فجاء عمك حصنا تستكن به

فاختاره الموت والأعداء في الأجم

ترمى وتؤذى بأصناف العذاب

فما رأيت في كوب جبار ومنتقم

حتى على كتفيك الطاهرين رموا

سلا الجزور بكف المشرك القزم

أما خديجة من أعطتك بهجتها

وألبستك ثياب العطف والكرم

عدت إلى جنة الباري ورحمته

فأسلمتك لجرح غير ملتئم

والقلب أفعم من حب لعائشة

ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي

وشج وجهك ثم الجيش في أحد

يعود ما بين مقتول ومنهزم

لما رزقت بإبراهيم وامتلأت به

حياتك بات الأمر كالعدم

ورغم تلك الرزايا والخطوب وما

رأيت من لوعة كبرى ومن ألم

ما كنت تحمل إلا قلب محتسب

في عزم متقد في وجه مبتسم

بنيت بالصبر مجدا لا يماثله

مجد وغيرك عن نهج الرشاد عمى

يا أمة غفلت عن نهجه ومضت

تهيم من غير لا هدى ولا علم