بُشرى من الغَيْبِ ألقَتْ في فم الغار
وحْياً و أفضَتْ الى الدُّنيا بأسرارِ
بُشرى النُّبوَّة طافَتْ كالشَّذى سَحَراً
وأعْلنَتْ في الرُّبى مِيْلادَ أنْوارِ
وشقَّتِ الصَّمتَ و الأنْسَامُ تحْمِلهُا
تِحْتَ السَّكينةِ من دارٍ إِلى دار
وَهَدْ هَدَتْ (( مكَّةُ )) الوَسْنَى أناملهَا
و هزَّتِ الفجرَ إِيذاناً بإِسْفَارِ
فأقبل الفجرُ من خَلْفِِ التِّلالِ و في
عَيْنَيْهِ أسْرار عشَّاقٍ و سُمَّارِ
كأنّ فَيْضَ السَّنَى في كلِّ رابيةٍ
مَوْجٌ و في كلِّ سفْحٍ جدولٌ جاري
تدافع الفَجْرُ في الدُّ نْيَا إلى
تارييخها فجر أجيالٍ و أدهارِ
و استقبلَ الفتحُ طفلاً في تبسُّمِه
أياتُ بشرى و إيماءاتُ إنذار
وشبَّ طفلُ الهدى المنشودُ متِّزِراً
بالحقِّ متَّشحاً بالنُّور و النَّار
في كفِّه شعاةٌ تهدي و في فمهِ
بشرى و في عَيْنهِ إِصْرار أقدار
و في ملامحه وعدٌ و في دمِه
بطولةٌ تتحدَّى كلَّ جبّار
و فاضَ بالنُّور فاغتمَّ الطُّغاةُ بِهِ
و اللِّصُّ يخْشَى الكوكبِ السَّاري
و الوعْيُ كالنُّورِ يُخْزِي الظَّالمين كما
يُخْزِى لصوصَ الدجى إِشراقُ أقمار
نادى الرَّسُولُ نداءَ العدل فاحتشدت
كتائبُ الجورِ تُنْضي كلَّ بتَّارِ
كأنَّها خلْفَه نارُ مجنَّحةٌ
تعدوْ و قَدَّامَه أفواجُ إعْصَار
فضجَّ بالحقَّ و الدَّنيا بما رَحُبَتْ
تَهْوِي عليهِ بأشْداقِ وأظفارِ
و سارَ و الدرَّبُ أحْقَادٌ مسلَّحة
كأنَّ في كلِّ شبرٍ ضيغماً ضارِي
وهبَّ في دَرْبه المرْسومِ مُنْدفعاً
كالدَّهر يقْذِفُ أخْطاراً بأخطار
فأدْبَرَ الظُّلمُ يُلقي ها هُنا أجلاً
و هَا هُنا يتلقَّى كفَّ00 حفَّار
و الظُّلمُ مهما احْتَمت بالبَطْشِ عُصْبَتُهُ
فلم تُطِقْ وقفةً في وجْهِ تيَّار
رأى اليتيمُ أبو الأيتامِ غايتَه
قُصْوَى فشقَّ إليها كلَّ مِضمار
و امتدَّت المِلَّةُ السَّمْحا يَرِفُّ على
جَبِيْنِها تَاجُ إِعظامٍ و إِكبار
مضى إِاى الفتحِ لا بَغياً و لا طمعاً
لكن حناناً و تطهيراً لأوْزار
فأن الجورَ قبراً و ابتنى زمناً
عَدْلاً 00 تدبِّرهُ أفكار أحرار
ياقاتلَ الظلم صالت ها هُنا و هُنا
فظايعٌ أيْنَ منها زندُك الوارى
أرضُ الجنوب دياري وْهيَ مهْدُ أبي
تئِنُّ ما بين سَفَّاح و سَمْسَارِ
يشدُّها قيد سَجَّانٍ وينهشُها
سَوْطٌ.. ويحدو خُطَاها صوتُ خمِّارِ
تعطي القيادَ وزيراً وهو متَّجِرٌ
بجوعِها فهو فيها البايع الشاري
فكيف لانتْ لجلاَّد الحمى “عَدَنٌ”