أَسْـعَــى إِلَــى جَــــذْوَةِ الــمَــعْـــنَــــى وَأَزْدَلِـــــفُ
وَالحَيْــرَةُ الـبِــكْــــرُ فِـــي جَــنْــبَــيَّ تَـعْـتَــكِــــفُ
أَشْـكُـــو إِلَـى عِـزَّةِ الصَّحْــــرَاءِ مِنْ ظَمَـإٍ
فَـتَــعْـصِــرُ الــوَجْـــدَ فِي سَهْوِي وَتَرْتَشِــفُ
أَوْغَلْــتُ فِي ظُــلَــمِ التَّـارِيــخِ، يَـغْــمُــرُنِـــــي
غُـــلُّ الـسُّـــــؤَالِ، وَشَـــــوْقٌ مَـــسَّــــهُ لَــهَـفُ
فَهِــمُـــتُ، لَا نَايَ يَـــهْـــدِيــنِـــي وَلَا قَــبَـس
وَحْــدِي بِــعَـــبْــــقَــرَ، لَا أَمْـــشِــي وَلَا أَقِــــفُ
مَـــا كِـــدْتُ أَنْــفَــكُّ مِـنْ وَادٍ جَرَى بِدَمِي
حَــتَّــــى تَكَشَّــفَ لِــي مَــا لَيْــسَ يَنْكَشِــــفُ
وَقَـدْ وَقَـفْـتُ عَــلَـى الجُــودِيِّ فِي وَلَــــهٍ
وَدُونَـهُ مِــنْ جِـــرَارِ الوَحْــيِ مُــــقْــــتَـــطَــفُ
طَـفِـقْــتُ أَرْوِي عَــنِ الجَرَّاتِ مَا عَقَلَتْ
قَـدْ تُبْصِرُ الطِّينُ مَالَا تُبْصِرُ الصُّحُفُ
تَـــرْوِى الأَخِـيـــرَةُ أَصْــلَابـــــًا مُــعَـنْـعَـــنَـــةً
عَــنْ سَــجْــدَةٍ، مِــنْ مَعِيــنِ النُّـــورِ تَـغْتَــرِفُ
سَـــلَـــكْـتُ مِـــنْــهَــــا إِلَــــى غَــارٍ تُـــرَاوِدُه
يَـدُ الـسَّمَاءِ، مَـقَـامٌ حَـفَّهُ الـشَّـرَفُ
تَـسَـــلَّــلَـــتْ لِــضُــــلُــوعِـــي مِــنْ مَـلَامِــحِـــهِ
أَنْــسَــــامُ سَــالِــفَــــةٍ تَـهْــفُـو لِــمَــنْ سَــلَــفُــوا
إِذْ شَـــبَّ كَـــانُــونُ أُمِّــــي فِــي مُـخَـيِّـلَـتِي
أَحْــلَــــى حِـــكَــــايَــــــاتِ طِـفْــــلٍ كُلُّهُ شَـغَــفُ
عَــــنْ سَــيِّــــدٍ كَـفَـــلَ الــدُّنْــيَــا، فَـأَوْسَعَــهَــا
مِــنْ يُــتْــمِــــهِ غَـــدَفـــًا، مَـــا مِــثْــلُـــهُ غَـدَفُ
عَــنْ قَــــائِـــــدٍ، وَلِـجَــامُ البَــحْــرِ فِـــي يَــــدِهِ
يَــنْـــوِي بَـــأَمْـــوَاجِــــهِ عَـطْــفًا فَــيَــنْــعَــطِــفُ
لِـــيَـــشْــبَــعَ الجَــرْوُ مِــنْ أَطْـبَـــاقِ رَأْفَـتِـــهِ
فَـلَـــيْــــسَ يَــفْـــطِــمُــــهُ عَـــنْ أَمْــنِــهِ وَجَــــفُ
نَــــثْـرًا تَـــهَـــيَّـأَتِ الـصَّــحْــرَاءُ، بَــاهِــتَـــــةً
مِــنْ كُــلِّ فَـجٍّ رِيَّـــاحُ الجِــبْــتِ تَعْتَصِـــفُ
فَــــقَــامَ يَــنْـــظِــمُـهَــا عِــقْـدًا وَوَاسِــطَــة
وَالــشَّـــارِدَاتُ بِــهَـدْيِ الــنَّـــظْــــمِ تَــأْتَــلِـــفُ
تَسْــرِي الظَّعِينَةُ مِنْ صَنْعَـا، فَيَحْرِسُهَـــا
يَهْــــدِي خُـطَـاهَــا، فَـــلَا يَـدْنُـــو لَهَـــا تَلَــــفُ
فِـــي كُلِّ نَبْــــضٍ يُضِيءُ المُنْتَهَى سَعَـــةً
يُضَمِّـدُ الحُـزْنَ مَا ضَلُّـوا وَمَـا ضَعُـفُــوا
يُــــعَــــتِّـــــقُ الــدَّهْـرَ مِــمَّــــا شَـــابَ فِطْرَتَهُ
يَـخِـــيــطُ لِلـــيْـلِ إِشْـــــرَاقًـــا، فَــيَــلْـــتَـــحِـــفُ
مِـــنْ صَـمْـــتِــــهِ نَســجَ الأَحْـلَامُ سِيرَتَهُمْ
مِـــنْ سَمْتِهِ عَكَفَ الإِعْجَـــازُ يَغْتَـــــرِفُ
دِفْــئًـا يُــعَــــانِـــقُــهُ مِــنْ فَــرْطِ لَـهْـــفَــتِـــهِ
بَــيْــتٌ، تَــعَــــانَـــقَ فِـــيـــهِ الــطِـــيـنُ وَالسَّعَفُ
دَهْــرًا وَمَــوْقِــدُهُ يُــغْـــفِــي، وَيُــوقِــظُــنِــي
حَـــــرُّ اشْــتِــيَـاقٍ، فَــــأَسْتَــهْــوِي وَيَكْتَنِــفُ
عَــــرَفْــتُ مِــنْ جَــــذْوَةِ الـكَــانُــونِ آيَــتَــــهُ
وَالــــعَـــارِفُــونَ مَـــسَاجِــيـــنٌ لِــمَـا عَـــرَفُـــوا
فَــقُــمْــتُ أَقْــبِـــسُ فِـــي نَـسْــلِـي مَحَجَّتَــهُ
وَإِنْ تَــعَــثَّـــرَ حَــــرْفِي حِــيـــنَـــمَــا يَـــصِـفُ
جَــرَّبْــــتُ كُـــــلَّ صِـرَاطٍ كُـنْــتُ أَعْـهَــــدُهُ
فِــي الأَبْــجَــدِيَّــةِ، حَــتَّى كِــدْتُ أَنْــحَــــرِفُ
وَلَـــمْ أُحِــطْ بِـيَـــقِــيـــنٍ، قَــــرَّ فِي خَــلَــــدِي
فَـــظَــــلَّ أَرْفَـــعَ عَــنْ إِدْرَاكِــيَ الــهَــدَفُ
تَـــصَــرَّمَ الــــعِــقْـدُ، وَانْــفَـــضَّـــتْ لَآلِــئُـهُ
وَأَمْعَنَتْ فِــــي دُرُوبِ الـتِــيـهِ تَــخْــتــَلِـــفُ
وَلِــي عَـــــزَاءٌ جَـمِـيـــلٌ، يَـــــوْمَ يَــجْمَـعُـــهَـــا
صَـــوْتٌ جَـلِــــيـــــلٌ، يُـلَـبِّـيـهَـــا فَـتَـرْتَـصِـــفُ
جَاءَتْ فُرَادَى، تُنَـــــادِي مُفْــــرَدًا عَلَمًـــا
مَا كَانَ عَنِ شَجَنِ المَحْزُونِ يَنْصَـرِفُ
لَـكِــنَّــهُ قَــبْــلَ شَــكْـوَاهَــا الــعَـــرَاءَ لَــهُ
بَـنَـــى لَهَـــا غُــرَفًـــا مِــنْ فَــوْقِـــهَـــا غُـــرَفُ
عبد الرحمن كرومي
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وآله.
الطالب يوسف
اللهم صل وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
جمالي عبد المالك
الله يجازيك
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد
فؤاد علي مقبل باشا
اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه
أنور بن حسين
قصيدة جمعت بين جمال الإيقاع ومتانة المعنى . حاول الشاعر الإبتعاد عن الأسلوب المباشر في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وكأنه يريد أن يجرنا إلى المعنى لنكاشفه وبالتالي نكتشف الأبعاد العميقة للموصوف . فمنذ المطلع يباغتنا بجملة فعلية مفادها السعي وراء المعنى,فهو ساع إلى المعنى لما يتطلبه الأمر من مكابدة وقد اختار صيغة المضارع “أسعى” ذلك أن الفعل الماضي ينتهي بانتهاء الفعل في حين أن سعيه متواصل لا يعرف حدا حتى يصل إلى جذوة المعنى, والجذوة هي الجمرة الملتهبة وهي جذوة معنوية بالأساس تعبر عن سمو المقاصد. بالإضافة فإن الفعل سعى ورد في عديد الأيات القرآنية ومنها السعي بين الصفا والمروة فهي حركة لا تقوم على العدو والتسرع بل على الثبات والسرعة في الأداء بمعنى عدم التهاون,فغاية الشاعر هو أن يبلغ ذروة المعنى بثبات دون تعثر ودون ريبة.وقوله تعالى “وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى” النجم/39 دليل على أن السعي أمر محمود يجزى عليه الإنسان ويثاب . ويستعمل الشاعر في عروض البيت فعل “ازدلف” وهو رغبة في التقرب والدنوّ , وبذلك يخلق الشاعر إيقاعا جميلا في صدر البيت حيث أنه بدأه بفعل وأنهاه بفعل وكلاهما يبدأ بحرف الألف وهو أول حروف العربية والذي يحيلنا على كلمة “اقرأ” بسورة العلق وفي ذلك دلالة على أن بلوغ مقاصد المعاني يتطلب القراءة والتعلم وبالتالي التفكر في المعاني. أما العجز فيستهله بجملة إسمية تبدأ بواو الإبتداء فينتقل بنا من البحث عن المعنى إلى حيرة وجدانية وصفها بالبكر أي أنها تبدو في بداية مكاشفة المعنى الذي يتكور داخله ويسامق حروفا تشع من جنبيه نورا فيولّد من اللغة كلاما على الكلام وينبجس المعنى من رحم المكابدة ومن ثم السعي دون تكلف فالمعاني تنساب سلسة بعد المخاض البكر.