أُلقي على ظِلِّيَ البَدْئيِّ ألواحا

ظمآنُ..!

يا ساقيَ الأرواحِ أرواحا

أُصغي لأَسماءِ هؤلاءِ

أُنبِئُها باسمٍ تَكَوْثَرَ إِلماحًا فإِلماحا

 

تقولُ لي عِصْمَةُ التَّكوينِ:

– وجهيَ إنْ لاحَ اختفى

– وجهُهُ إنِ اختفى لاحَا

 

تقولُ لي:

– يعرفُ الدَّرويشُ نَظْرتَهُ

وكيفَ قسَّمَها خمسينَ إِصحاحا؟

تقولُ لي بُرْدَةُ المحبوبِ:

– رِيمُكَ لم تُحِلَّ..

أَحرِمْ إذا مَا لَومُكَ اجتاحَا

 

بانتْ سُعاداتُ كلِّ العاشقينَ

فمَنْ بعدَ انزياحِ القَوافي البِكْرِ ما انزاحَا؟!

 

صنعتُ من أَحرفٍ

كهيئةِ الطَّيرِ

فانفُخْ

كي تكونَ بإذنِ الحُبِّ سُيَّاحا

 

أسَّستُ مسجدَ شوقٍ من جُذوعِ تبارِيحي

فباحَ بِلالُ الدَّمْعِ ما بَاحَا

أُمِّيَّةُ الضَّوءِ

أنْ يُوحَى إِليه:

– أنِ اصْنَعْ من نِقَاطِ حُرُوفِ العُمْي مِصباحا

محمَّدُ الغُرَباءِ

اختارَ أنَّ لهُ

إذا تذكَّرَ مُرَّ الغُربةِ ارتاحَا!

ما زالَ يغسِلُ ثوبَ الأرضِ

يخصِفُ نعْلَ الصَّبرِ

يرصُفُ كلَّ التِّيهِ إصلاحا

 

ما زالَ يعرُجُ

حتَّى بشَّرتْ لافِتاتُ العارِفينَ بهِ

ياسينُها صاحَا:

يا بنَ الذَّبيحَينِ

حُلْمُ الخاطئينَ رآنا مرَّتينِ

نبيعُ السِّلْمَ أرماحا

وتَلَّنا للجبينِ الوهْنُ

صَدَّقَنا

ونحنُ نُقرِضُ نَذْرَ الماءِ أقداحا

أشعلْتَ

ذاكرةَ الدُّنيا ملائكةً

كانوا بذاكرةِ الأعرافِ أَشباحا

 

آختْ بِشارةُ عيسى فيكَ دعوةَ إِبراهيمَ

حتَّى اكتوى الأنصارُ مُدَّاحا

ومنذُ أنْ طَلَعَ (البدرُ المهاجرُ)

لم تعرِفْ ثَنيَّاتُنا -يا بَدْرُ- نُزَّاحا

 

فاقرأْ علينا دُموعَ الوَحي

ما انفلتتْ نَفْسٌ إلى النَّارِ

ما شَكٌّ بها انداحَا

واخفِضْ جَناحَكَ

إنَّ اليأسَ يَقفِلُنا

جدًّا

يُقدِّمُنا لليأسِ مِفتاحا

 

واشهَدْ علينا

بَكَيْتَ!

الحبُّ علَّمنا بدمعِ وَرْدِكَ

نُشفَى كلَّما فاحَا

مُذْ قُلْتَ:

– (لا تحزنِ)

الحزنُ اشْتهى فمُهُ أن يزرعَ اللَّاشعورَ الـمَيْتَ أفراحا

مُذْ قُلْتَ للماءِ:

-صلِّ خلْفَ من زرَعَ التُّفَّاحَ

صارتْ ذُنوبُ الأرضِ تُفَّاحا

وكذَّبوكَ!

رأَوا حِرَاءَ

بينَ ذراعَيْ قَمَرٍ

يُطعِمُ الأنوارَ إِفصاحا

 

معَ الَّذينَ أرادوا

-يا سفينتَهم-

صَبَرْتَ نفسَكَ

كانَ الحبُّ ملَّاحا

 

ما رحمةُ العالمينَ غيرَ أنَّكَ فِينا

كمْ جعلتَ حنانَ الله نضَّاحا!

 

وأنتَ فِينا

تُعيدُ الرِّيحَ سيرتَها الأُولى

وتَخرِزُ كفَّ الرِّيحِ مِسباحا

لأنَّكَ الحبُّ

يا قرآنُ

كنْ لغةً كونيَّةً

واندُبِ العُشَّاقَ شُرَّاحا

 

يكادُ زيتُ معانيها يُضيءُ.. يُضيءُ

مَسَّ من (آخرِ العُنْقُودِ) إِصباحا

 

في جُبَّةِ الرَّعيِ

لوَّنْتَ السَّماءَ قراءاتٍ

وأبوابَها الخضراءَ إِلحاحا

 

كم أنتَ أنتَ!

كَسِرٍّ أَمَّ خَلوتَهُ في غارِ إبهامِهِ

فاشتدَّ إِيضاحا