تَجَمَّلَ الصَّمْتُ مُذْ أَطْرَقْتُ مُنْتَجِعًا

مَدْحًا لِمَنَ مَلَأَتْ أُفْقِي جَوَاهِرُهُ

أَضَعْتُ مَا كُنْتُ فِي صَمْتِي أُدَفْتِرُهُ

فَمَنْ لِطِفْلٍ هُنَا ضَاعَتْ دَفَاتِرُهُ؟

كَمَ طَوَّقَ الْجَوْهَرُ الْإِنْسَانُ أَخْيِلَتِي..

كَمْ مَتَّعَتْ أَعْيُنَ الْمَعْنَى مَنَاظِرُهُ..

مَحَاصَرٌ فِي شِعَابِ الْمُفْرَدَاتِ هُنَا

وَالْغَيْمَةُ الشَّمْسُ فِي شِعْبٍ يُجَاوِرُهُ

فَرَاشَةٌ فِي فَنَاءِ الرُّوحِ عَالِقُةٌ

بَاتَتْ تَحِنُّ إِلَى ضْوْءٍ تُسَايِرُهُ

ضَوْءٌ مِنَ القَبَسِ الْأَعْلَى يَلُوحُ مَدًى

مِنْ شُرْفَةِ الَّليلِ فِي غَارِي أُسَامِرُهُ

أَدْمَنْتُ ظِلًّا يَبَابًا قَبْلَ خُضْرتِهِ

وَالْآنَ ظِلِّي نَمَا عُشْبًا أَعَاقِرُهُ

أَقْصَى يَدِي أَنْ أَمُدَّ الْقَلْبَ أُغْنِيَةً

صُوفَيَّةَ اللَّحْنِ غَنَّتْهَا خَوَاطِرُهُ

فَوضَى الْمَعَانِي ارْتِبَاكُ الْأُغْنِيَاتِ بِهَا

يُفَسِّرُ الْآنَ مُوسِيقَا تُخَامِرُهُ

حَيْرَى عَلَى أُهْبَةِ الْإِبْحَارِ ظَامِئَةٌ

مَنْ أَوَّلِ الْمَاءِ حَتَّى غِيضَ آخِرُهُ

شَهِيَّةٌ هَذِهِ الْفَوْضَى إِذَا انْتَشَلَتْ

مَا فِي دَمِي،حِينَ لَمْ تُفْتَحْ مَعَابِرُهُ

مُحَمَّدٌ..! وَانْجَلَى الْمَعْنَى.. وَبِي لُغَةٌ

تُجَدِّفُ الْآنَ فِي نَبْضِي..تُشَاطِرُه

مَضَى إِلَى مُنْتَهَى الْعَلْيَاءِ فَاحْتَشَدَتْ

بِهِ الْمَقَامَاتُ حَيْثُ اللهُ آمِرُهُ

بِمُنْتَهَى الْخُلُقِ الْأَسْمَى هُنَاكَ بِهِ

تَجَاوَزَتْ كُلَّ مَأَثُورٍ مَآثِرُهُ

هُو اصْطِفَاءُ مَقَامِ الْغَيْبِ..حِينَ مَدًى

مِنَ الضَّلَالَاتِ أَعْمَى مَنْ يُسَايِرُهُ

الْمُنْكِرُونَ طَرِيقَ اللهِ دُونَ هُدًى

كُلٌّ عَلَى دَرْبِهِ الْأَهْدَى يُنَاوِرُهُ

حَنَاجِرٌ مِنْ صَدَاهَا الْأرْضُ مَا هَدَأَتْ

وَالْمُفْرَدُ الْجَمْعُ لَمْ تُهْزَمْ حَنَاجِرُهُ

صُبَّتْ عَلَى صَخَبِ الطُّغْيَانِ فَانْطَفَأَتْ

عُصُورُ ظُلْمٍ أُذِيقَتْ مَا تُحَاذِرُهُ

فِي الْغَارِ مَا حُوصِرَ الْمَسْعَى الَّذِي انْطَلَقَتْ

مِنْهُ الْبِدَايَاتُ..لَا خَيْلٌ تُحَاصِرُهُ

تَعَثَّرَ الْكُفْرُ فِي مَهْوَى تَعَقُّبِهِ

وَفِي الْحَضِيضِ بِهِ زَلَّتْ حَوَافِرُهُ

عَزَّ الْوُجُودُ بِبُشْرَى ظَلَّ يَنْشُدُهَا..

بُشْرَى الْأمِينِ الَّذِي عَمَّتْ بُشَائِرُهُ

مَنْ كَانَ بِالْخُلُقِ الْقُرْآنِ مُعْجِزَةً

أَمَامَ كُلِّ عُتُلٍّ مَا.. يُفَاخِرُهُ

أَمَامَ مَنْ خَامَرَ الدُّنْيَا عَلَى عَمِهٍ

وَمَنْ عَلَى غَيِّهِ كَانَتْ تُخَامِرُهُ

طَغَتْ قُرُيشٌ وَحَارَتْ كَيْفَ تَحْجُبُهُ

وَبَاطِنُ الْأمْرِ فِي الَّلاشَكِّ ظَاهِرُهُ

آذَتْهُ فِي اللهِ حَتَّى رَاحَ مُغْتَرِبًا

إِلَى بِلَادٍ بِهَا الرَّحْمَنُ نَاصِرُهُ

لَمْ يُطْبِقِ «الْأَخْشَبَيْنِ» الْكَانَ بَيْنَهُمَا

أَصْلَابُ مَنْ خَرَجَتْ مِنْهُمْ عَسَاكِرُهُ

إِذْ عَادَ مِنْ طَيْبَةِ الْأَنْصَارِ كَانَ أَخًا

سَمْحًا..فَمَا قُطِعَتْ عَنْهُمْ أَوَاصِرُهُ

إِذْ رَفْرَفْتْ فِي سِمَاءِ الْحَقِّ أَلْوِيَةٌ

وَكَانَ مَا كَانَ مِمَّا أَنْتَ نَاظِرُهُ

عَفْوًا.. أَرَانِي طَرَقْتُ الصَّمْتَ مُنْدَلِعًا

لَعَلَ مَنَ أَوْقَدَ الْمَعْنَى يُحَاوِرُهُ

أَرَى الْمَقَامَاتِ..هَلْ لِي أَنْ أُلَامِسَهَا

إِذَا زَعَمْتُ بَأنِّي الْيَومَ شَاعِرُهُ!؟