كتَـائِــهٍ لـمْ يجِـدْ فـي ليـلِـه سُبُــلَا

أُراوِغُ الحُــزْنَ.. أُخْـفِــي دمْعتِـي خجَــلَا

أُهْــدِي إلـى لغَـةِ العُشّــاقِ بعـضَ دمــِي

فيقطُــرُ الشّعــرُ مـنْ عينـيَّ مُبـتهِـــلَا

أحتــاجُ فِـي سفَـــرِ الأحْــلامِ مُعجِـــزَةً

والعُمْــرَ زادًا، لعلّـي أبلـغُ الأمَـــلَا

أمْشِــي إلـى مـولِـدِ الأنْــوارِ مُنتشــيًا

دمعِــي صـلاةٌ تلاهَــا خافـقِــي جُمَـلَا

وفِـي مــَرايَــا حنِينِـي.. ثَـــمَّ أسْئِلـةٌ

مَـرّتْ على شجَـرِ الصّحـــراءِ فاشْتعَــلا

بينِـي وبيـنَ اكْتمـالِ النّـفـسِ أزمنَـةٌ

كـمْ رامَها شاعــرٌ قبْلي ومَا وصَـلَا

لكـنّ قلبِي يخُــوضُ الآنَ رحلتَـهُ

وقـد دعَـاهُ إليكَ الشّــوقُ فامْتثَـلا

يطْــوِي جِراحاتِـهِ فـي الضّــوءِ، تكتبُــهُ

يـدُ المسافَــةِ فيمن عانَـقُــوا الأزَلَا

وحينَ صَار قَــريبًا منـكَ ثـمّ سـرَتْ

فِـي الكــونِ رعشتُهُ الأُولــى وقـدْ ذُهِــلَا

رأَى منَ الشّــرْكِ ما يأبَــاهُ خالِقُـهُ

رأى قُـريشًا تُناجِـي اللّاتَ أو هُبَــلَا

فجَاءَهَا منْ حِراءٍ صَـوتُ مُعجِـزةٍ

وكـانَ قبـلَ نِـداءِ النـاسِ مُعتـزِلَا

لَبّى النِّدَا نَفـرٌ منهُمْ عَلى عَجــلٍ

وآخـرونَ أبَوا عـنْ غَـيّـهِـمْ بَــدلَا

مُـذْ قـال جبــريلُ: «اقــرأْ» وانْطـــوَى زمَــنٌ

وفِي يديْــهِ اسْتـــوَى الميـــزانُ واعْتَــــدَلا

ضمّــتْ خـديجَــةُ سِــرَّ اللهِ مُـؤمـنَــةً

فأصْبحتْ للنِّسَا منْ بعــدِهـا مَثَـــلَا

مِـنْ أوّلِ الأمــرِ كـانَ الحِلْمُ ديـدنَــهُ

ولمْ يَـزَلْ لكـــلامِ السّــوءِ مُحْتَمِــلَا

فـلا الصّحيفَةُ نالَــتْ منْهُ بُغْيتَهَا

يـومًــا، ولا ربُّـهُ فـي النّـــازلاتِ قَـلَـــى

حتى تبـدّلَــتِ الدّنيـا علـى يَــدِه

وكانَ فـي الناسِ دومًـا خيــرَ مـن عَــدَلَا

وسَارَ يملأُ وجْــهَ الأرضِ نــورَ هُــدًى

وفي القُلــوبِ يَــدُسّ الحُــبّ والأمَــــلَا

نــورٌ محَا ظلمةَ الدّنيا بِـدعْــوتِــهِ

أقـامَ للخيــرِ في أرجــائِهَا سُـبُــلَا

وحاربَ النّقـصَ في الإنســانِ مـولِـــدُهُ

حتّى رأى نفسَهُ بالدّيــنِ مُكتَمِــلا

لأجلهِ ذَاقَ فِــــي أيّامِـهِ مِحَـنًا

ولمْ يُغــادِرْهُ حتّى صـارَ مُعتــدِلَا

وكـمْ أَرى النّاسَ من آياتِــهِ عجَــبـًا

محمّدٌ لـو دعَـا الرحمـانَ ما خُــذِلَا

بحِلمهِ أذْهــلَ الأعْـــداءَ حيـنَ طغَــوا

وبالدّعـاءِ لهـُم فِـي السرِّ ما بَخِـلا

وكـم تضـرّع فـي بــدرٍ وفِــي أُحُـــدٍ

لربّــهِ حيــنَ جــدَّ الخطْــبُ وابْتهَــلَا

فنـالَ عِـــزًّا أذلّ الشّــرْكَ وانْكسَــرَتْ

أوثَــانُ مَن في جُحــودٍ كـذّبُـوا الـرّسُــلَا

فأَيّـنَـا بالــغٌ فـي الفضْــلِ منـــزِلَــةً

كأحمَــدٍ، وهْــوَ فـــوقَ العَالمِينَ عَـــلَا؟

ما زلــتُ أقــرأُ دمـعَ الأرضِ فـي طُــرقِــي

مُـذْ غِبْـتَ وهْـي تُعـانِــي السّقْــمَ والعِلَلَا

شـوقِــي إليكَ رسُــولَ الله أتعبَنِــــي

حتـى كتـبـتُ سُطــورًا من دمِي خَجِلَا

أدري بأنّ حــروفَ الشّعــرِ عاجــزةٌ

عـنْ وصـفِ مَنْ مدحُـهُ في الذّكْرِ قَدْ نَـزَلا

لكنّنِي قُلتُهَا علِّي أُسَـــرُّ بِهَا

ويغتدي الجُـرْحُ بعْـد اليَـومِ مُنـدمِــلَا