رُوَيْدَكَ، لَيْلُ القَلْبِ غَارَتْ كَوَاكِبُهُ

ولا الشَّوقُ يَسْلُونِي ولا أَنَا غَالِبُهُ

وَأُقْصِيَ عَنْ عَرْشِ المحَابِرِ شَاعِرٌ

فَلَيْسَ لَهُ إلا الهُمُومُ تُكَاتِبُهُ

رَآكَ عـلى عَرْشِ النُّبُوَّاتِ جَالِسًا

فَأَصْبَحَ يَدْرِي أَيْنَ تَرْسُو مَرَاكِبُهُ

فَيَا أَيُّهَا المولُودُ في المهْدِ أُمَّةً

أَغَـيْرَ قِمَاطِ الوَحْيِّ ثَوْبٌ يُنُاسِبُهُ؟

وَإِنْ أَغْمَضَتْ عَيْنُ الأُمُومَةِ لَحْظَةً

تَـجِيءُ سَمَاوَاتُ اليَقِينِ تُرَاقِبُهُ

وَيَحْبُو وَحِيدًا وَالمجَرَّاتُ صَحْـبُهُ

وَيَنْمُو يَتِيمًا وَالجِهَاتُ أَقَارِبُهُ

وَيَمْشِي فَكَانَ الدَّهْرُ أَوَّلَ خُطْوَةٍ

سَيَقْطَعُهَا مِنْ خَالِقِ الدَّهْرِ وَاهِبُهُ

إلى أَنْ غَدَا التَّارِيخُ حَقْلَ مَسَرَّةٍ

فَلَيْتَ شِفَاهِي بِالفَرَاشِ تُخَاطِبُهُ

أَتَيْتَ إِذْ الإِنْسَانُ يَغْدِرُ ظِلَّهُ

وَيَشْمَتُ بِالمهْرِ المجَرَّحِ رَاكِبُهُ

وَإِذْ عَاشِقٌ يَمْشِي عـلى شَوْكِ شَكِّهِ

وَمَعْشُوقُهُ فَوْقَ الوَدَاعَاتِ صَالِبُهُ

وَإِذْ تَعْـبُرُ الأَيَّام فَارِغَة الرُّؤَى

وَإِذْ يَشْرَبُ الأَرْوَاحَ كَأْسٌ وَشَارِبُهُ

وَإِذْ غَزَوَاتُ النَّاسِ دِينٌ يَلُفُّهُمْ

تَسَاوَى بِهَا وَجْهُ السَّلِيبِ وَسَالِبُهُ

وَإِذْ وَثَنٌ يُبْـنَى عـلى ذَوْقِ عَبْدِهِ

ويُنَصَّبُ ربًّا ثُمَّ يَحْمِيهِ نَاصِبُهُ

وَإِذْ سَيِّدٌ يَسْرِي الخَرَابُ بِقَوْمِهِ

فَيُطْرِبُ أَسْمَاعَ الخَرَابِ تَثَاؤُبُهُ

فَأَدَّبْتَ لَيْلًا كَانَ يَبْطُشُ ضَاحِكًا

وَتَعْبَثُ بِالرِّيشِ الـبَرِيءِ مَخَالِبُهُ

فَسُبْحَانَ مَنْ سَوَّاكَ سَيْفًا وَرَحْمَةً

وَكَيْفَ تَآخَى فِيكَ غُصْنٌ وَحَاطِبُهُ

سِرَاجًا مُنِـيرًا جِئْتَ، زَيْتُكَ دَمْعَةٌ

وَمَاذَا سَيَخْشَى مَنْ تُضِيءُ نَوَائِبُهُ

وَتَرْحَلُ عَنْ أُمِّ القُرَى يا أَبَا القُرَى

قُرَى الوَحْيِ إِذْ شِيـدَتْ بِفِيكَ جَوَانِبُهُ

فَيَا قَائِدًا، جَيْشُ الدُّعَاءِ يَحُوطُهُ

وَيَا مَلِكًا، سَتَرٌ مِنَ الصُّوفِ حَاجِبَهُ

وَيَا أَيُّهَا الماشِي عـلى حَبْلِ جُرْحِهِ

وَيَا أَيُّهَا الظَّمْآنُ وَالماءُ صَاحِبُهُ

يَجُوعُ وَهَذَا الكَوْنُ طَوْعُ يَمِينِهِ

وَيَعْرَى لِيَكْسُوَ – رَاضِيًا- مَنْ يُحَارِبُهُ

أَرَاكَ وَفِـــي عَيْنَيْكَ غَيْمَةُ عَاشِقٍ

وَرَمْلُ جَفَاءٍ مُوحِشٍ لا تُعَاتِبُهُ

وَحِينَ رَأَيْتَ النَّاسَ أَطْلَالَ حَسْرَةٍ

وَوَحْشَةَ صَدْرٍ إِذْ تَخُونُ تَرَائِبُهُ

ضَمِنْتَ لَهُم أَنَّ الزَّمَانَ زَمَانُهُمْ

سَتَحْمِلُهُمْ نَحْوَ الصَّلَاةِ مَنَاكِبُهُ

مُحَمّدٌ يا مَنْ عَمَّرَ الكَوْنَ وَجْهُهُ

يُنَاجِيكَ عُمْرٌ أَرْهَقَتْهُ خَرَائِبُهُ

مَشَى ما مَشَى في هَضَبَةِ الحَرْفِ وَاثِقًا

فَكَيْفَ عـلى كَفَّيْكَ ضَاقَتْ مَسَارِبُهُ

أَقِلْهُ فَكَمْ مِنْ مُخْطِئٍ مَرَّ غَافِلًا

وَأَنْتَ بِوَرْدِ البَسْمَلاتِ تُعَاقِبُهُ

لَهُ مِنْ هُمُومِ الشِّعْرِ أَوْزَارُهُ الـتي

يُضَـــاعِفُهَا أن الحُرُوفَ تُحَاسِــــبُهُ

وَمَاذَا يُرِيـــدُ الآن غَــــيْرَ مَسَافَةٍ

مِنَ العَفْوِ للمَعْـنَى النَّـبِيِّ تُوَاكِبُهُ

وَجُزْءًا مِنَ الضَّوْءِ الذي أَنْتَ كُلُّهُ

وَدِينًا أَكِيدًا لا تَشَظَّى مَذَاهِبُهُ